Saturday, March 29, 2014

محافظ نادي سبورتنج

وليسعد أبناء نادي سبورتنج الكرام بنتيجة انتخاباتهم الميمونة، وليبقوا في الفقاعة الخاصة بهم (كلنا لنا البابل الخاصة بنا، ناثينج بيرسونال) وليهنأوا بوجود المحافظ بينهم، الذي لم يدخر جهدا لكي يتواجد معهم في خيمة فرز الأصوات المباركة تاركا الاسكندرية وايانا في الظلام.  الظلام الذي انتشر بين البلاد والعباد.... على الطريق الدولي، في القباري، على كوبري قناة السويس وحتى في رشدي بشارع سوريا! حل الظلام مبكرا على مدينتي. لكن ما يهم أن النادي أنهى انتخاباته على خير ومن الغد لن نجد يفط مضيئة تنير لنا ليل المدينة المظلم... سنضطر ان نستعين بكشافاتنا او... فلننتظر الانتخابات القادمة لأي من النوادي الميمونة - فئة الف - لكي تنير لنا ليالي مدينتا. ناموا واستغطوا...


مات في القمة

حضرت بالأمس عرضا لفيلم محمد رمضان "حواس" في جيزويت اسكندرية. وسبق عرض الفيلم تسجيلات للقاءات للمخرج الراحل في التليفزيون اثناء تغطية بعض القنوات لمهرجانات مصرية ودولية فاز فيها فيلمه الوحيد. عندما انتهى العرض وأضيئت القاعة ساد الوجوم الجميع. صمت مطبق وثقيل وبكاء واصوات نهنهات تأتي من جنبات القاعة. لم أتمالك نفسي. بكيت بكاءا لا يتناسب على الاطلاق مع معرفتي السطحية لمحمد. ذكرني بكائي هذا ببكائي وقت مذبحة بورسعيد والتي راح ضحيتها 72 من شباب ألتراس الأهلي في فبراير 2012. ولكي تكتمل المفارقة، تخلل لقاء محمد المسجل من قناة تليفزيونية فضائية شريط الأخبار في اسفل شاشة العرض. واضح انه كان مسجلا بعد مذبحة بورسعيد مباشرة. اذن هو القدر يتلاعب بنا كعادته....


تملكتني بعض الأفكار بعد العرض: لم لم يمهله ربه الوقت لكي يبدع اكثر واكثر؟ لم لم يمهله ربه الوقت لكي يعطي اكثر واكثر؟ لم لم يعش معنا لفترة اطول لكي نستمد منه تلك الطاقة الايجابية الغريبة والثقة واليقين بأن غدا بالتأكيد هو يوم أفضل! ما هذا الحضور الطاغي والذهن الحاضر والابتسامة الساحرة التي لن تتكرر كثيرا؟ ما تلك الموهبة التي ظهرت بقوة في فيلمه القصير المليء بالأحاسيس والمشاعر والمعاني؟ تذكرت جملة من فيلم لروبرت دي نيرو يقول فيها ان اكثر شيء محزن في العالم هو موهبة مهدرة...
The saddest thing in the world is a wasted talent

أكان يجب ان تهدر موهبة محمد الاستثنائية بهذا الشكل العبثي، ثم من بعده نادين شمس، لكيلا يختل ميزان الكون ونستمر جميعا في حيواتنا التافهة؟ لم لم أمت أنا وبقي محمد رمضان أو نادين؟ لا اريد اجابات من قبيل "بعد الشر عليكي"! أنا أعني تماما ما أقول. لا اعتقد انني كنت لأفيد هذا الكون بأي شيء بقدر افادة نادين ومحمد! ما أعنيه هو انه لو كان لزاما ان تموت روح ما لكي يستمر الكون في نظامه وناموسه الدقيق المرسوم له، اذن فلتكن روحي أنا أو روح شخص آخر هي التي تذهب، وليبق رمضان.... ليبق رمضان لأطفاله، لفنه، لشبابه، لأصدقائه، لاخواته. لبلده. فلتبق نادين لزوجها وفنها وأصدقائها.. وأذهب أنا. أنا لا أهم أحدا. لن يلتفت أحد لرحيلي. لن أثير أي ضجة. سأرحل في هدوء.

وسط تلك الأفكار التي تعصف برأسي، حاولت ان انسحب من القاعة قبل ان يعرض فيلم قصير صنعه اصدقاء محمد سجلوا فيه لحظات انتظارهم لرجوع محمد من رحلة التيه، من باب الدنيا. كنت اخاف من الانهيار بعد رؤية هذا العمل. لكن كلماتهم التي كتبوها على صفحات التواصل الاجتماعي اثناء انتظارهم لرجوع محمد استوقفتني، تسمرت... جلست على السلم ولم اكمل طريقي للباب. كانت صور محمد تتابع على الشاشة، رحلته لأسوان، تسلقه الجبال لباب الدنيا، صوره مع أطفال المناطق الأقل حظا من مهمشي هذا الوطن. صورته الشهيرة وهو ينقل البطاطين والتي أكدت لي أن كلنا مهمشون في هذا البلد الأمين...


خرجت من الفاعة ووجدت كراسة وضعها القائمون على الحفل لكي نسجل فيها كلمة لرثاء محمد رمضان. بكيت وسجلت اعتذاري لمحمد أنني لم استطع انقاذه.. أقسمت له أنني حاولت. اعتذرت له ايضا عن حقيقة أنني ما زلت أعيش بينما كان هو الذي يستحق الحياة. قلت له: أنا آسفة. انا حاولت بس ما قدرتش. قلت له: ما كانش لازم انت اللي تروح. كان المفروض ان انا اللي اكون مكانك وانت اللي تبقى....

ختم اصدقاء محمد رمضان الفيلم القصير الذي صنعوه عنه بجملة واحدة اختزلت كل شيء:
محمد رمضان: عشق الفقراء وعاش مع المهمشين ومات في القمة.