Friday, November 14, 2014

ولكم في الانتحار حياة

 ليست زينب مهدي ببعيدة عنا. جميعنا بداخلنا زينب مهدي. لا تنكروا أن بعضنا، ان لم يكن معظمنا، قد فكر في لحظة ما في الانتحار، لولا بعض من جبن، ولن أقول ايمان... الانتحار. تلك الفكرة الرومانسية بكل ما تحمله من ارادة وتطهر للذات، تمثل هروبا من هذا العالم الذي لا يحتمل البعض قسوته. لا اعلم ان كنت قد قرأت تلك الفكرة في مقال ما سابقا، أم انها خاطرة من خواطري. لكنني أعتقد ان القلوب الصادقة مرهفة الحس، كان من اللازم ان يتم انذارها وتحذيرها بما ستقابله في هذا العالم. أليس من الرحمة بمكان أن يتم انذارها وهي على أعتاب باب الدنيا بأنها ستقابل ما لن تحتمله؟ ألم يكن من الأفضل لنا جميعا، ان يكون لنا مطلق الحرية في أن نختار؟ أن نكمل الرحلة او نتراجع...

لم لم يخترع أحد العلماء مقياسا لرهافة قلوب البشر؟ على أن تتلقى أجساد أصحاب المؤشرات العالية انذارا أوتوماتيكيا، بشكل واضح لا يحتمل اللبس، ينبههم ويعفيهم من استكمال الرحلة.

لا أعرف زينب بشكل شخصي. ولكن الخبر كان مزلزلا. أكان من الممكن أن أكون زينب؟ أكان من الممكن ان تكون احدى صديقاتي هي زينب؟ ألسنا جميعا زينب؟ رحماك يا الله. ان الاختبار يزداد صعوبة. وبالرغم من أنني أحسب نفسي طالبة مجتهدة، الا أنني اعترف انني لم اعد احتمل تلك الصعوبة. كنا نتندر بمقولة دائما ما يرددها المسئولون عن النظام التعليمي المصري حين يطمئنون أولياء الأمور عن اختبارات نهاية العام، بأنها ستأتي في مستوى الطالب المتوسط. فما بال اختبار الحياة وقد أصبح دوما في مستوى الطالب العبقري؟!

أعترف ان الألم النفسي قد أصبح فوق مستوى احتمالي. لم أعد أستطيع.

هناك فكرة رومانسية لا تبارحني بل تريحني للغاية. ألا وهي ان انتحار زينب حقن المزيد من الدماء. حفظ المزيد من الأرواح. وأنها افتدتنا بروحها. تروقني تلك الفكرة. تصبرني على فجيعة موت فتاة شابة في مقتبل العمر، حتى ولو لم أكن أعرفها. في ظل هذه الفكرة يصبح لموت زينب قيمة كبيرة. هي قديسة بالنسبة لي. نعم. كانت هي فداءا لنا. لكي ننتبه ونعلم ان لوجودنا معنى ما. وأن لبقائنا معا هدف أسمى، هذا الهدف قد ينقذنا من شرور أنفسنا...

منذ بداية الثورة، في 2011، وقلبي يعتصره الألم لفقدان اشخاص لم اعرفهم بشكل شخصي، لكن فراقهم ترك مرارة في قلوب محبيهم، وأجدني أتجرع تلك المرارة بحكم قربي لهؤلاء المحبين.


هناك تشبيه أستريح له أشخص به حالتي.  أعتقد ان قلبي وروحي أصبحا يشبهان تلك الأسلاك العارية، التي فقدت بسبب كثرة الاستهلاك تلك الطبقة البلاستيكية التي تحميها من اي تفاعل مع الوسط المحيط بها. هذا الغطاء يحمي الغير من اي شرر متطاير قد يصيبهم من جراء هذا التفاعل.  أعتقد أن روحي قد طالها هذا التغيير. روحي أصبحت مثل "السلك العريان". قد يكون من المجدي ان اعلق لافتة مكتوب عليها: "ممنوع الاقتراب". او "احترس! هذي الروح كالسلك العاري". مع ملحوظة مكتوبة بخط صغير يكاد لا يرى بالعين المجردة: هذا العالم ليس للقلوب الواهنة....

زينب كما يجب ان يتذكرها محبوها 


رابط خبر انتحار زينب مهدي
http://www.almasryalyoum.com/news/details/571477

تعليق احد اصدقاء زينب على انتحارها
http://m.almesryoon.com/%D8%AF%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D8%A3%D8%AD%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86/595215-%D8%B5%D8%AF%D9%8A%D9%82-%C2%AB%D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A8-%D9%85%D9%87%D8%AF%D9%8A%C2%BB-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7?template=mobile


Wednesday, September 3, 2014

خواطر عند الأربعين

هذي الروح لا تحتمل كل هذا القبح. هي لم تصمم لذلك. لقد أنهكتها محاولات قلبها المستميتة للبحث عن الجمال. هذا الجمال النادر في تلك البقعة البائسة من العالم التي كتب عليها أن تعيش فيها.

هي دائمة البحث عنه.... الجمال. تنجح بالكاد في العثور عليه. قد تقابله في وجوه الأصدقاء المحبة الودودة في لحظات دفء تجمعها بهم، أو عندما تداعب نسمة خريفية ناعمة وجهها تحمل معها من الحنين ما يحرك مراكز الشعور بالشجن في روحها، أو عندما ترى تجمعا من السحب يتهادى فوق موجات البحر، ووقتها تشعر أن الله ينظر اليها مباشرة، أوعندما ترى الصحراء ممتدة في عظمة وجمال بهيّ في الطريق الى القاهرة، أوعند سماعها لنغمات الموسيقى المفضلة لديها، تحمل هي الأخرى بعضا من روائح الجنة العطرة. تجده، وبالأخص، في واجهة مزخرفة لمنزل سكندري قديم نسيته يد غادرة في غفلة من الزمن ولم تهدمه.... بعد

يخوض قلبها معارك يومية شرسة لكي ينجح في البقاء على قيد الحياة. ولكي يتسنى له ذلك، اعتادت القيام ببعض الحيل. يستحضر القلب تلك اللحظات الخاصة جدا، ندما يشعر أنه أصبح على الحافة، في البرزخ، تلك المنطقة الفاصلة بين الحياة والموت، ويكأن هذا القلب سيتوقف عن النبض بين ثانية وأخرى. تستحضر مع تلك اللحظات الروائح التي صاحبتها يوما ما، والمشاعر التي أحستها، ثم تجترها.  نعم تجترها.  فلنقل أنها آلية... آلية دفاع عن الروح ابتكرها هذا القلب الشقيّ. أن يجتر لحظات سرقها خلسة من عمر الزمن، لكي يستطيع أن يكمل معها ما قدّر لها أن تعيشه في هذا العالم القاسي. تغمض عيناها وتتذكر تلك اللحظات تحييها وتحياها مرة أخرى. تكرر الكرة المرة تلو المرة، لكي تبقى على قيد الحياة، لكيلا تفقد أعز ما تملك ... عقلها.

2 سبتمبر 2014 

Thursday, July 24, 2014

تداعيات سجن النسا



طب انا مش قادرة، مع مسلسل زي #سجن_النسا، اني الاقي اي ذرة تعاطف مع مجتمع زي ده، او اني اشعر بسلام داخلي، وانا عارفة وعلى يقين ان اللي انا شفته في المسلسل ده واقعي وحدث بالفعل. 

انا من الناس اللي نفسها تعيش في سلام، تحب الناس اللي حواليها وتعيش مبسوطة وسط اهلها وناسها وتشوفهم هما كمان مبسوطين، اسمع مزيكا واغني، اتمشى عالبحر، مش اكتر من كده. ما عنديش اي احلام مادية تذكر. عارفة اني حاعتمد على نفسي عشان اعيش. عمري ما اتمنيت اني اكون غنيّة مثلا او اتجوز راجل غني مثلا او امتلك فيللا رهيبة او عربية فاخرة. احلامي متواضعة جدا. كلها تتمحور في اني اتعلم كويس واشتغل شغلانة تعيشني كويس ومعقول. عمري ما شعرت بالغيرة من اي حد احسن مني. بالعكس انا دايما شايفة الناس احسن مني، او على الأقل شايفة الناس كويس، كويس اوي كمان. عمري ما حملت ضغينة تجاه اي حد، باختصار وزي ما باوصف نفسي دايما ابنة بارة للطبقة الوسطى. بعد اللي شفته في المسلسل ده اعتقد ان المشاعر اللي بتختمر جوايا من فترة واللي بتخليني مش قادرة اتصالح مع مجتمعنا، بتزيد بل بتترسخ وبتجد مبرر مقنع جدا انها توصل لقناعات صعب انها تتغير، واحتمال كبير انها تغير مسار حياتي كله...

انا بس نفسي اعيش في سلام. والله مش عايزة اكتر من كده..... مش كتير يا رب. صح؟

بعد مشاهدتي للحلقة 26 من مسلسل سجن النسا

لينك الحلقة
https://www.youtube.com/watch?v=z6WE6Wex6Zc

النهارده يوم تاريخي لنصرة الاسلام والخلافة الاسلامية


! أصدرت داعش أمرا وفرمانا بإجراء الختان على كل الاناث بين 11 و46 سنة اللي عايشين تحت لواء خلافتهم في العراق. ختان جماعي؟! وفي الآخر يرجعوا بيتساءلوا باستغراب شديد جدا ليه البعض لا يتقبل الاسلام بل يكرهه! ما هما لازم يكرهوه! استحالة اشوف ممارسات زي دي واقول الله! ايه الدين اللي بيحث على التسامح ده يا ربي؟ استحالة يطبعا! وبعدين ليه هما قاصرين تفكيرهم، فيما يخص المرأة، على نصفها السفلي؟! جل ما يهمهم هو نصف المرأة السفلي الذي يشغل الكثير من حيز تفكير الأصوليين والمتأسلمين والمتطرفين! الخبر ده لا يقل عنفا ودموية عما يحدث في غزة! ولا استطيع حتى تخيل كيف سيتم تنفيذه! ولا استيطع تقبل فكرة العجز المحيط بنا جميعا!

اللهم عافنا يا رب ولا تؤاخذنا بما فعل ويفعل وسيفعل السفهاء منا.

لينك الخبر من موقع العربية
http://english.alarabiya.net/en/News/middle-east/2014/07/24/-ISIS-order-female-genital-mutilation-in-Iraq.html

Suicide note of Miss May, The Secret Life of Bees

Dear August and June, 

I'm sorry to leave you like this. I hate you being sad, but think how happy I'll be with April, Mama, Papa and Big Mama. Picture us up there together, and that will help some. I'm tired of carrying around the weight of the world. I'm just going to lay it down now. It's my time to die, and it's your time to live. Don't mess it up. 

Love May

Sunday, June 22, 2014

أعيتني الحيل

اول مرة في حياتي، باقولها وانا في منتهى الأسى والألم، ابقى راجعة مصر من بلد ما، ويبقى قلبي مقبوض اني راجعة. اول مرة ما ابقاش فرحانة اني راجعة مصر. من سنين ومهما كانت المدة اللي قضيتها بره مصر، اسبوع او اتنين او اكتر، شهر او تلاتة او اكتر، بيبقى جوايا حنين رهيب واحساس بالغربة أشد، وبيبقى نفسي ارجع بسرعة، ولما الطيارة بتعمل لاندينج في مطار القاهرة او الاسكندرية، بيبقى قلبي مزقطط وبيرقص من الفرحة. وباعذّ الدقايق عشان اوصل اسكندرية.  النهارده ده ما حصلش. اول مرة ما يحصلش ده، 


كنت في امريكا لمدة اسبوعين. في اطار برنامج دعتني اليه منظمة امريكية غير حكومية وغير حزبية مستقلة للتعرف على النظام الانتخابي الأمريكي استعدادا لمراقبة انتخابات الكونجرس في نوفمبر القادم ان شاء الله. حابقى اكتب عن تفاصيل الرحلة بعدين نظرا لأهميتها ونظرا لكم التشابهات والتناقضات التي وجدتها بيننا وبينهم واللي فاجئتني فعلا! بدأت رحلة رجوعي من أمريكا من تلات ايام، عبر لندن، مسار الرحلة كان طويل حبتين، قبل يوم الرجوع كان متملكني شعور غريب جدا. قلبي مقبوض وحزينة. طول رحلة الرجوع وانا باحاول اعرف ايه سبب القبضة اللي جوه قلبي دي! ايه السبب أوالدافع اللي خلاني اشعر بده لأول مرة من يوم ما بدأت اسافر من سنة 1998!

اللي فهمته من حوار طويل مع نفسي، اني خلاص، ما بقتش قادرة اجمّل الأشياء اكتر من كده. ما بقتش قادرة ألون المشهد بألوان تضفي عليه بعض البهجة! اي بهجة في وسط العبث اللي احنا شايفينه وعايشينه ده؟ الانحدار وصل مداه، او يمكن الأمل اللي اعتدت على استدعائه، اصبح فجأة عصيّا على الاستدعاء. هو الحقيقة ما بقاش موجود. اشعر بالحرج لكتابتي هذه الكلمات. باتمنى ان الحالة دي تكون يومين كده ويروحوا لحالهم، لحد ما الاقي حاجة تديني امل تاني وتخليني اخد نفس اكمل اي حاجة، بس انا حزينة من نفسي. أما لأكثر ايلاما اني واخدة على خاطري منها جدا. هي كل شوية بتخيب املي فيها. زي ما كتبت قبل كده هنا، انا بالفعل مصرّة ان انا وهي نوصل لصيغة توافقية نقدر بيها نتعامل بشكل آدمي، لا ينتقص من كرامتي وآدميتي ولا ينتقص من مشاعري ناحيتها وتقديري بل وتقديسي لها.  لقد أعيتني الحيل معكي يا مصر، بل حقيقة أستطيع أن أجزم لكي أنني لا أملك منها المزيد...

Tuesday, May 20, 2014

عن حوار السيسي يوم 18 مايو 2014


اشاهد اعادة حوار السيسي الآن، ولا جدال في ان حواره بالأمس افضل حوار قام به حتى الآن ومنذ ان ترشح. وفي رأيي ان كتير من الناس بتحب تسمع الكلام البسيط اللي بيقوله واللي بيحط هالة ما على شخصه وعلى الجيش. الكلام اللي من نوعية: انتم ما تعرفوش حاجة. الجيش ده قصة كبيرة، انت لما بتقرب من قادة الجيش يبقى بتهدم جيش بلدك، الخ. الناس بتحب الأسلوب ده فعلا لأنه بيحسسهم قد ايه المرشح ده عظيم وقوي وغامض وبيحتفظ بكثير من التفاصيل لنفسه والأهم انه invincible اي انه لا يقهر. برضه بيحسسهم بضآلتهم ومدى جهلهم بكثير من الأمور وبيلعب على احساسهم بالذنب. السبب الرئيسي ورا ده في رأيي هو خلفيته كرئيس للمخابرات بيبقى عارف بيقول ايه امتى وازاي غير اي قائد جيش عادي. ويحضرني هنا نموذج عبد السلام المحجوب ذي الخلفية المخابراتية عندما اصبح محافظا للاسكندرية ومقارنته بنموذج عادل لبيب القادم من جهاز امن الدولة واصبح محافظا بعد المحجوب، ورد فعل الاسكندرانية تجاه الاثنين. عادل لبيب كان عنيف لكن المحجوب كان ناعم جدا. المحجوب والسيسي (قياس مع الفارق بالطبع) كلاهما يعلمان تماما كيفية التعامل مع نفسية جماهيرهم والنقطة الأخرى المهمة جدا وهي نوعية الحطاب الموجه لتلك الجماهير. نوع ومحتوى خطاب السيسي مختلف تماما عن نوع ومحتوى خطاب حمدين. حمدين بيتعامل على انه مرشح في دولة راسخة فيها الديمقراطية لسنين. عشان كده بيقدم برنامج محترم ونوع خطابه بيدخل في تفاصيل الاقتصاد والسياسة والزراعة وخلافه. بيهاجم منافسه زي اي انتخابات رئاسية في اي دولة. لكن هنا السيسي بيظهر للناس انه مش بيحاول ينجر لمناوشات ومش عايز يدخل في سجال او خناقة على حد تعبيره مع ان ده الطبيعي في اي انتخابات، لأنه هنا بيبان امام الناس انه مترفع عن الصغائر. وده بيؤثر على الناس جدا. السيسي ايضا لا يدخل في تفاصيل برنامجه، بل يقدم نبذة عنه. وحجته في ذلك ان البعض يحيك المؤامرات الخراجية ضد مصر وهي حجة واهية جدا في رأيي. اعتقد ان هذا ما يثبت مؤيدي السيسي على موقفهم ويثبت ايضا مؤيدي حمدين على موقفهم اكثر من ذي قبل

فيديو اللقاء 
https://www.youtube.com/watch?v=zUdTI9NGc14

Cyber Bullying


بعض مؤيدي السيسي من الأصدقاء على الفيسبوك بيعملولي cyber bullying يعني بيتنمروا وبيسخروا وبيتجاوزا حدودهم ومنهم اللي يبعتلي حاجات على الانبوكس او على الوول كلها كوميكس سخرية من حمدين، على اساس انهم كده يعني بيضايقوني! جر شكل من الآخر! نفسي بس يفهموا ان والله العظيم دي انتخابات رئاسة ومش عركة بلدي وان الموضوع مش شخصي بيني وبينهم! المرشح حمدين صباحي انا باحترمه لأسباب كتير لأنه يعبر عن الكثير من الأفكار التي أؤمن بها، لكنني لست درويشة من دراويشه وهو مش محتاج دراويش بالفعل ولا هو ابويا! يمكن هما فاكرين اني بانظر لحمدين نفس نظرتهم للسيسي! اعذروني بس انا مش زيكم! وبعدين اول لما الانتخابات حاتخلص ايا كان اللي حايكسب حانقعدله كلنا عالواحدة ونطلع عينه كلنا سوا لو ما مشيش زي ما احنا عايزين! عادي يعني. ريلاكس يا جماعة... السيسي مجرد مرشح رئاسي وحمدين كذلك مع العلم ان اخر رئيسين حاليا بيصيفوا في السجن!

19 مايو 2014


احترس... هذا البرنامج خطر على الأمن القومي


تعليقا على حجة #السيسي اللي قالها في لقائه على قنوات الحياة ودريم والنهار فيما يخص عدم اعلانه عن تفاصيل برنامجه لما يمثله ذلك من تهديد وخطر على الأمن القومي، واللي مؤيدوه بقوا بيرددوها من غير حتى ما يخلوها تعدي على مخهم لتقييمها والتفكير فيها بتمعن. 

أعتقد لو طبقنا القاعدة دي على الدول الكبرى زي الولايات المتحدة وفرنسا وانجلترا والمانيا ودول الشمال بأوروبا واستراليا ونيوزيلندا وكندا وغيرها، وهي من هي، ما كانتش قياداتهم السياسية أعلنوا بمنتهى الشفافية والصراحة برامجهم الانتخابية على الهوا في وسائل اعلامهم، ولا طلعوا في مناظرات (واخدين بالكم؟ مناظرات على الهوا مش مسجلة) يناقشوا فيها ادق تفاصيل خططهم اللي حايتحاسبوا عليها لأنهم التزموا بيها امام شعوبهم التي تستحق منهم الاحترام والالتزام. لم نرهم على مر السنوات وهم يقودون العالم اجمع منذ عشرات السنين يتحججون بحجج واهية ان "لو قلنا البرامج دي حايبقى امننا القومي في خطر ومهدد واننا مستهدفين"

وبما ان الشيء بالشيء يذكر، احب افكركم ببعض الحقايق في السريع كده وبدون الدخول في تفاصيل، واللي يحب تفاصيل يدور بنفسه على النت وعلى مواقع الحكومة المصرية نفسها. مصر، المستهدفة من قوى خارجية خارقة والمهددة من الجميع، بتاخد منح لتطوير الكثير من اجهزتها وأدائها الحكومي بل وتطوير بعض مواقعها الاستراتيجية كالموانئ وخلافه، يعني مثلا الحكومة الألمانية بتقدم منح لتطوير التعليم وتعلم عنه الكثير. الحكومة الايطالية طورت ميناء اسكندرية. الأهم من ذلك كله، الحكومة الأمريكية، اللي بنرغي ونزبد ونندد بها وبأنها عدوتنا اللدود، تعلم عن تسليحنا وعن جيشنا هي وربيبتها اسرائيل الكثير! طبعا مش حاتكلم عن المعونة الأمريكية اللي داخلة في مشاريع اجتماعية وتطوير بنية تحتية عدة. ده بالاضافة للمعونات والمنح الهولندية والسويسرية والسويدية. واليابان اللي ساعدتنا مثلا في بناء مترو الأنفاق في العاصمة الكبرى! مترو انفاق العاصمة يا افاضل! بعد كل ده انتم بجد مصدقين؟ يعني انا ما عنديش اي مشكلة تقولوا احنا بنحب السيسي كده لله في لله وعايزينه رئيس ومن غير برنامج بس احترموا عقلي وعقولكم... بليز


فيديو السيسي و هو يرد على خالد صلاح بأن الحديث عن برنامجه خطر على الأمن القومي المصري
https://www.youtube.com/watch?v=82PsPcfz2gI

يوم في الجوازات

نسيت احكي لما رحت الجوازات في اسكندرية يوم الاربع اللي فات عشان الغي بدل الفاقد اللي قدمت طلبه يوم التلات عشان فجأة لقيت الباسبور وده كان من جملة سوء الحظ اللي كانت بتحصلي الاسبوع اللي فات. الموظفة المسئولة عن البدل فاقد كانت لابسة خمار بالطبع عشان هي متدينة وبتعرف ربنا، رحتلها وقلتلها اني لقيت الباسبور وباوريهولها. راحت بدون مقدمات طالعة على الرابع وبصوت مسرسع واسلوب شرشوح قالتلي خلاص الاجراءت اتعملت وطلبك راح عشان ينزل رقم باسبورك في النشرة. قلتلها طب ما ينفعش نوقف الاجراءات؟ ده انا جايباه امبارح متأخر واكيد لسه ممكن في امل. خسارة. يا ريت حضرتك تدوري. راحت باصة لي شذرا وقايلة لي يعني ايه تضيعوا حاجتكم؟! يبقى المفروض ما نعملكوش بدل فاقد بقى! قلتلها وارد ان االحاجة تضيع ونلاقيها، احنا بنعزل من بيت لبيت، واول ما لقيته جيت اوقف الاجراءات اللي هو من حقي وحايوفر عليكم خطوات كتير. قالتلي لا مش وارد! مافيش حاجة اسمها وارد! وورقك راح خلاص! طبعا كل ده بتأفف وشخط ونطر! رحت معلية صوتي وقايلة لها انت بتكلمين يكده ليه؟ بصوت عالي بس باحترم. ما تكلمينيكويس زي ما باكلمك وتوطي صوتك وتكلميني باسلوب افضل! برضه اصرت وقالتلي بتحدي كأنها بتنتقم مني اني حارجع الأسبوع الجاي وحاعمل باسبور جديد بالعافية! فضلت واقفة مكاني مقهورة من الاهانة وقلة القيمة! والناس كلها بتتفرج عليا! كنت عايزة اعيط بس قلت لا!


اللي عارف الجوازات في اسكندرية، يعرف ان شباك البدل فاقد موجود في شمال المدخل وحواليه ازاز بنكلم الموظفين من خلاله. وعلى شمالك وانت واقف قصاد شباك الموظفة دي اوضة مكتوب عليها المدير، وواقف بره عسكري حراسة. فكرت شوية . قلت اقايس ومش خسرانة حاجة. ثم اتجهتله وقلتله لو سمحت انا عايزة اقابل المدير. قالي ليه؟ قلتله عايزة اوقف اجراءات بدل فاقد عشان لقيت الباسبور. قالي اتفضلي. استغربت. دخلت لقيت ضابط كبير برتبة عميد قاعد على المكتب. قلتله صباح الخير. بعد اذن حضرتك انا كان باسبوري ضايع بس لقيته وعايزة اوقف اجراءات البدل فاقد. انا باعتذر بس والله احنا بنعزل والدنيا ملخبطة واول ما لقيته جيت بس الموظفة بره زعقت ومش عايزة تستجيب. ابتسم وقالي اوي اوي. معاكي الباسبور وصورة منه؟ قلتله اتفضل. قالي طب تعالي معايا. طلعنا بره المكتب وراح للموظفة اللي ما كانتش طايقة نفسها طبعا.  تابعت الموقف من ورا الازاز. كلمها العميد وورالها الأوراق بتاعتي وفجأة لقيتها بتطلع من الدرج ورقي! لقيته برضه بيتكلم معاها. وبعدين لقيته جايبلي ورقي وبيقولي باسبورك اهو يا مشيرة وخلاص مافيش اجراءات. بس يا ريت تتكلمي بأسلوب احسن من كده!!! انا سمعت كده الدم غلي في عروقي! قلتله وانا باتجه ناحية الشباك عشان امسح بكرامة اهلها الأرض: انا اسلوبي وحش؟ يا فندم ده امبارح وانا باقدم ورقي شرشحت لاتنين رجالة محترمين وبهدلتهم. اسأل زمايلها ولا اسأل الناس كانت بتتكلم ازاي معايا! انا كل اللي قلته انها تتكلم معايا كويس! قالي خلاص يا مشيرة خدي حاجتك وخلاص الموضوع خلص! قلتله اصل عيب يعني الافترا والظلم والكذب! المهم اخدت حاجتي لأني لقيت ان الكلام مامنوش فايدة  مع اني كنت حاموت ارجعلها واقولها يا ريت تقلعي الخمار عشان انت ست كدابة! بس ابويا كان راكن في الممنوع! وخرجت ومعايا الباسبور! 

تمت. 

Sunday, May 4, 2014

عنوان مؤقت

أملأ استمارة على موقع الجامعة الالكتروني لكي يرسلوا لي بعض الأوراق الرسمية على عنوان منزلي. كنت وبمنتهى التلقائية سأكتب عنواني في سيدي جابر الشيخ بالاسكندرية.، عنواني الذي أكتبه منذ 39 عاما. لكني تذكرت انني لم أعد من سكان هذا البيت الذي خلا على عروشه حرفيا. انتهت علاقتي به على الأقل حاليا حتى يحين موعد الرجوع اليه في غضون عام او اكثر عندما يتحول لعمارة فخمة ضخمة تحمل من الزخارف ما لا تطيقه أعيننا او نفوسنا. تبين لي اليوم ان لي عنوانان مؤقتان، أحدهما في القاهرة والآخر في الاسكندرية. ولكنني لا امتلك عنوانا دائما. وعلى الأرجح لن يكون لي عنوان دائم لمدة عام ونصف. هاتفت أبي لكي يملي علي عنوان المنزل الذي نقطنه بصفة مؤقتة حاليا، فهاتف أبي، بدوره، حارس العقار، لأنه لم يكن يحفظ العنوان بدقة. لمدة نصف ساعة افكر اي عنوان اكتبه لكي استقبل عليه تلك الأوراق. القاهرة؟ ام الاسكندرية؟ أيهما الأفضل؟ خطوة لم تكن لتأخذ مني ثلاثين ثانية منذ شهر، لكنها الآن تأخذ نصف ساعة.

اللعنة على الحل والترحال وعلى رغبة البعض في الثراء السريع، والذين في سبيلهم لتحقيق ذلك، لا ينتبهون انهم يؤلموننا ويغيرون ثوابت كانت بالنسبة لنا من المستحيل تغييرها. فلنذهب نحن للجحيم اذن لكي تتسع بطونهم للمزيد من الأموال والمزيد من المباني القبيحة التي تناطح السحاب والتي كلما زادت أدوارها زادت أرصدتهم البنكية. أما نحن فلهنأ بذكرياتنا الساذجة وبالصور التي التقطناها، عن دون قصد، لتخلد ذكرى هذا المنزل وتفاصيله ولنرقد في سلام.

المعادي الواحدة و49 دقيقة بعد الظهر 

Wednesday, April 30, 2014

كفى

ختمت يومي بالأمس بخبر وفاة باسم صبري، لم يكن صديقا مقربا، لكنه كان صديق لكثير من أصدقائي. كتبت بضعة كلمات تتأمل في وفاة الكثير من الشخصيات الاستثنائية والتي في رأيي تستحق الحياة قائلة:

"قائمة من اريد ان اكون مثلهم - بالرغم من عدم معرفتي بهم عن قرب - وأن أترك اثرا طيبا على تلك الأرض عند مماتي كما فعلوا تطول وتطول. يكفي اسم واحد يا الله. لا داعي للمزيد من الفقد. علي شعث، محمد رمضان، نادين شمس، وأخيرا باسم صبري. لقد كانوا يستحقون وقتا أطول في هذه الحياة اكثر مني يا الله.... كفى."

استيقظت منذ دقائق على رسالة عبر الواتساب تعلمني بخبر وفاة شخصية استثنائية أخرى. صديقة عملت معها في معسكر مصرتوبيا. سيدة في منتهى العذوبة والرقة، متدينة وتخاف الله بشدة. ختمت القرآن منذ شهور. آخر لقاء جمعني بها كان مع رفاق مصرتوبيا منذ شهر تقريبا وأخبرتني أنها تتابع ما اكتبه على الفيسبوك وأنها تحترم كل ما تقرأه لي وانها ترى انني مختلفة وانها ترى انه لا ضير في تأخري في الزواج ما دمت أعيش حياة مليئة بالتفاصيل كالتي أحياها. كانت كلماتها رقيقة جدا وغير جارحة على الاطلاق! كانت تخبرني وقتها بأن ابنتها الجميلة ندى خطبت للتو. وقالت لي أتعرفين؟ لم أكن منشغلة بموضوع زواجها وخطبتها، لأنني كنت لأود ان تكون مثلك حين تكبر. نرمين كانت طباخة ماهرة وكان لها تخصص لا نرى له بديلا في تجمعاتنا القليلة التي جمعتني بها، وهو طبق الممبار التي كانت تطهوه ببراعة والذي كان صديقي كريم محروس يشترط عليها ان تطهوه لنا في تجمعاتنا.

لي صديق عزيز كلما رأى حلما تحقق. هاتفني بالأمس قلقا لأنه رأى لي حلما أخبره فيه بوفاة صديقة لي. وعندما قرأ خبر وفاة باسم صبري، قال لي: "ربما كان الحلم عن باسم صبري؟ لكنك كنت تخبرينني بوفاة صديقة لا صديق!"قلت له لا أعلم! أخبرني اليوم ان الرؤيا التي رآها كانت تحمل اسما يبدأ بحرف النون.

Nermine Elsayed لك مني سلام وتحية ودعوة لك بالثبات ودعوة لأولادك ومحبينك بالصبر، وأمنية بأن ألقاكي يوما ما. لم تكوني صديقتي المقربة يا نرمين لكنني كنت أكن لك معزّة خاصة وتقديرا تستحقينه لكنني لم اظهره بالقدر المطلوب. كنت أعتقد أنني سأراكي في اجتماع مصرتوبيا بعد انتهاء دراستي، لكنني لم يسعفني الوقت.

ملحوظة: ما زلت عند يقيني بأن من يرحلون عنا هم أفضل وأنبل من فينا، الذين يستحقون أن يبقون في هذه الدنيا أكثر من كثير منّا. يتركوننا هنا لأن هذا هو ما نستحقه ولا نستحق أفضل من هذا.

Wednesday, April 9, 2014

خلاص


خلاص... فضوا بيتنا من كل حاجة.

حانعزل ونروح بيت تاني مؤقتا لحد ما المقاول يبني بيت جديد ونرجع. ده كان اختيار ابويا وامي النهائي. اللي هو النقيض من اختياري. ودي مشكلة تانية حابقى اتناولها بعدين عشان مش وقته.... المهم اني فوجئت بالصدفة النهارده وانا باكلم ابويا وباقوله انا جاية اسكندرية عشان عايزة ألم حاجتي واصور البيت قبل ما يفضى عشان احتفظ بصوره. لقيته بيقولي ما خلاص احنا فضيناه! قلتله: ازاي؟ وحاجتي؟ قالي: في كراتين؟ قلتله: انا كنت عايزة اعمل كده بنفسي! قالي: خلاص! قلتله: طب انا عايزة اصور البيت! سألني: تصوري ايه؟ رديت: اصور البيت واوضتي وكل حاجة! قال: ما فيش حاجة تصوريها!!! كنت في الجامعة ورديت زي المجنونة: طب والبيت وذكرياتي؟ وانا؟ اعمل ايه؟؟؟ رد رد لطيف جدا: قالي خلاص يا ستي حانرجعلك العربية بالحاجات اللي عليها عشان تنبسطي! ما عرفتش اقوله ايه! سألته: طب المفتاح معاكم ولا مع المقاول! قالي بنبرة ملؤها الثقة: معانا طبعا!!! قلتله طب ارجوك انا حاجي بكرة اصور البيت والنبي ما تدوا الراجل المفتاح عشان خاطري!! استعطفته واتحايلت عليه لحد ما اتأكدت انه فعلا مش حايسلم المفتاح دلوقتي! طب كان ليه الاستعجال من الأول؟ما رضيتش اقاوح واسأل تاني عشان ده بيعصبهم...

للي ما يعرفش منكم، ده البيت اللي عشت فيه قرابة ال39 سنة... من سنة 1974. بيتنا القديم ابو 4 ادوار صغيرين واللي ما كانش تحفة معمارية خالص على فكرة، كان حاجة كده اتعملت على عجل ومافيهاش اي ابداع! اتبنى سنة 1964 على ترام سيدي جابر الشيخ، مزعج جدا،بس اهو بيتنا. خلاص حايتهد ويتحول لعمارة جديدة من اللي واجهاتها فجة وفيها عمدان وحليات وقبب ولا كأنها اجعصها قصر فرنساوي في الجنوب... مع انه في الحقيقة في سيدي جابر الشيخ... وانا باكتب الكلمات دي، حايكون بيتنا خلاص فاضي وضلمة وبارد ومافيهوش نفس... يعني لما ارجع اسكندرية حالاقي حيطان وشبابيك وشيش وأرضيات باركيه وبلاط وبس. كل التفاصيل شالوها. تفاصيلي انا في كراتين متخزنة في بيت قديم... مستنية دورها عشان تتفتح وتشوف الشمس بس بعد سنة او اكتر. تفاصيلي اضطروا يشيلوها عشان خاطر المقاول ... اصله مستعجل. ما طبعا! محتاج يعمل فلوس والعداد بيعد، وانا ذكرياتي تختفي تدوب مش مشكلة. اصعب شيء اني حاليا عايشة في القاهرة في بيت مؤقت، وفي اسكندرية حاكون ايضا عايشة في بيت مؤقت..... واضح ان الفترة اللي جاية حايبقى فيها ازمة هوية عميقة.

تفتكروا صحابي اللي في اتجلترا ولا استراليا بيعانوا زيي كده؟ انا عارفة اني في النهاية في سقف فوق راسي. بس هل منهم حد أجبر على ترك مكان اقامته وسلبت منه ذكرياته عن عمد لمجرد تحقيق حلم الثراء السريع لشوية ناس بكروش ومدعين... البلد دي عندها اصرار رهيب انها تؤلمني... المرة تلو المرة... بتتعمد توجع قلبي... مع اني جادة جدا في اني اعمل معاها هدنة ونجد سويا صيغة تعايش مشتركة... لكن من الواضح والجلّي ان المشكلة مش من عندي...

Saturday, March 29, 2014

محافظ نادي سبورتنج

وليسعد أبناء نادي سبورتنج الكرام بنتيجة انتخاباتهم الميمونة، وليبقوا في الفقاعة الخاصة بهم (كلنا لنا البابل الخاصة بنا، ناثينج بيرسونال) وليهنأوا بوجود المحافظ بينهم، الذي لم يدخر جهدا لكي يتواجد معهم في خيمة فرز الأصوات المباركة تاركا الاسكندرية وايانا في الظلام.  الظلام الذي انتشر بين البلاد والعباد.... على الطريق الدولي، في القباري، على كوبري قناة السويس وحتى في رشدي بشارع سوريا! حل الظلام مبكرا على مدينتي. لكن ما يهم أن النادي أنهى انتخاباته على خير ومن الغد لن نجد يفط مضيئة تنير لنا ليل المدينة المظلم... سنضطر ان نستعين بكشافاتنا او... فلننتظر الانتخابات القادمة لأي من النوادي الميمونة - فئة الف - لكي تنير لنا ليالي مدينتا. ناموا واستغطوا...


مات في القمة

حضرت بالأمس عرضا لفيلم محمد رمضان "حواس" في جيزويت اسكندرية. وسبق عرض الفيلم تسجيلات للقاءات للمخرج الراحل في التليفزيون اثناء تغطية بعض القنوات لمهرجانات مصرية ودولية فاز فيها فيلمه الوحيد. عندما انتهى العرض وأضيئت القاعة ساد الوجوم الجميع. صمت مطبق وثقيل وبكاء واصوات نهنهات تأتي من جنبات القاعة. لم أتمالك نفسي. بكيت بكاءا لا يتناسب على الاطلاق مع معرفتي السطحية لمحمد. ذكرني بكائي هذا ببكائي وقت مذبحة بورسعيد والتي راح ضحيتها 72 من شباب ألتراس الأهلي في فبراير 2012. ولكي تكتمل المفارقة، تخلل لقاء محمد المسجل من قناة تليفزيونية فضائية شريط الأخبار في اسفل شاشة العرض. واضح انه كان مسجلا بعد مذبحة بورسعيد مباشرة. اذن هو القدر يتلاعب بنا كعادته....


تملكتني بعض الأفكار بعد العرض: لم لم يمهله ربه الوقت لكي يبدع اكثر واكثر؟ لم لم يمهله ربه الوقت لكي يعطي اكثر واكثر؟ لم لم يعش معنا لفترة اطول لكي نستمد منه تلك الطاقة الايجابية الغريبة والثقة واليقين بأن غدا بالتأكيد هو يوم أفضل! ما هذا الحضور الطاغي والذهن الحاضر والابتسامة الساحرة التي لن تتكرر كثيرا؟ ما تلك الموهبة التي ظهرت بقوة في فيلمه القصير المليء بالأحاسيس والمشاعر والمعاني؟ تذكرت جملة من فيلم لروبرت دي نيرو يقول فيها ان اكثر شيء محزن في العالم هو موهبة مهدرة...
The saddest thing in the world is a wasted talent

أكان يجب ان تهدر موهبة محمد الاستثنائية بهذا الشكل العبثي، ثم من بعده نادين شمس، لكيلا يختل ميزان الكون ونستمر جميعا في حيواتنا التافهة؟ لم لم أمت أنا وبقي محمد رمضان أو نادين؟ لا اريد اجابات من قبيل "بعد الشر عليكي"! أنا أعني تماما ما أقول. لا اعتقد انني كنت لأفيد هذا الكون بأي شيء بقدر افادة نادين ومحمد! ما أعنيه هو انه لو كان لزاما ان تموت روح ما لكي يستمر الكون في نظامه وناموسه الدقيق المرسوم له، اذن فلتكن روحي أنا أو روح شخص آخر هي التي تذهب، وليبق رمضان.... ليبق رمضان لأطفاله، لفنه، لشبابه، لأصدقائه، لاخواته. لبلده. فلتبق نادين لزوجها وفنها وأصدقائها.. وأذهب أنا. أنا لا أهم أحدا. لن يلتفت أحد لرحيلي. لن أثير أي ضجة. سأرحل في هدوء.

وسط تلك الأفكار التي تعصف برأسي، حاولت ان انسحب من القاعة قبل ان يعرض فيلم قصير صنعه اصدقاء محمد سجلوا فيه لحظات انتظارهم لرجوع محمد من رحلة التيه، من باب الدنيا. كنت اخاف من الانهيار بعد رؤية هذا العمل. لكن كلماتهم التي كتبوها على صفحات التواصل الاجتماعي اثناء انتظارهم لرجوع محمد استوقفتني، تسمرت... جلست على السلم ولم اكمل طريقي للباب. كانت صور محمد تتابع على الشاشة، رحلته لأسوان، تسلقه الجبال لباب الدنيا، صوره مع أطفال المناطق الأقل حظا من مهمشي هذا الوطن. صورته الشهيرة وهو ينقل البطاطين والتي أكدت لي أن كلنا مهمشون في هذا البلد الأمين...


خرجت من الفاعة ووجدت كراسة وضعها القائمون على الحفل لكي نسجل فيها كلمة لرثاء محمد رمضان. بكيت وسجلت اعتذاري لمحمد أنني لم استطع انقاذه.. أقسمت له أنني حاولت. اعتذرت له ايضا عن حقيقة أنني ما زلت أعيش بينما كان هو الذي يستحق الحياة. قلت له: أنا آسفة. انا حاولت بس ما قدرتش. قلت له: ما كانش لازم انت اللي تروح. كان المفروض ان انا اللي اكون مكانك وانت اللي تبقى....

ختم اصدقاء محمد رمضان الفيلم القصير الذي صنعوه عنه بجملة واحدة اختزلت كل شيء:
محمد رمضان: عشق الفقراء وعاش مع المهمشين ومات في القمة.


Wednesday, February 19, 2014

أنا أستحق


كرري وكرر بينك وبين نفسك: انا استحق حياة افضل من تلك الحياة. انا استحق ان اشعر بالسعادة. انا استحق ان اشعر بالنجاح. انا استحق ألا أشعر بالاحباط. أنا أستحق أن أشعر أنني لي وطن يحترمني. أنا أستحق أن أشعر بتحقيق الذات. أنا وأنتم نستحق الكثير. كرروا ورائي. كرروا. أنا أستحق حياة أفضل من تلك الحياة. أنا أستحق أن أشعر بالسعادة... أنا أستحق. نعم أستحق

التاسع عشر من فبراير 2014
الساعة 10:26 مساءا 

أمل... في رثاء محمد رمضان

كل واحد فينا بيتولد، بيستلم من البلد دي نصيبه وحصته في تلات حاجات: العجز والرخص وقلة الحيلة! هما كومبو كده! كل مواطن مصري بيستلم الحصة بتاعته مع اول صرخة بعد الولادة! آباؤنا بيورثوهالنا! استلمتوا حصصكم؟ ماسكين فيها ومتبتين؟ على فكرة ربنا اعطانا اجابة في القرآن الكريم عشان بس ما تتعبوش نفسكم وتقعدوا تقولوا نعمل ايه ونسوي ايه؟ بلاش محن ودلع مرء! ربنا كان بيكلم المصريين على فكرة في الآية دي، او انا باحب افهمها كده. ربنا قالكم التالي: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا".
عرفتوا انتم ايه؟ "ظالمو انفسكم" نحن جميعا نظلم أنفسنا بأيدينا! وربنا اعطانا اجابة بس تعمل ايه في ناس "عمي" البصر والبصيرة. أرض الله واسعة؟ آه واسعة! انتم مستضعفون في الأرض؟ آه مستضعفون! مستضعفون بس؟ قل مذلولون مسحوقون مقهورون الخ... "تهاجروا" فيها؟ ربنا بيخاطبكم على فكرة، وانا معاكم! أما الباقي، فأرجوكم أغلقوا على انفسكم شرانيقكم وفقاعاتكم في كومباونداتكم ومنتجعاتكم وبيوتكم المقفول ببانها الحديد القبيحة عليكم. ناموا وبرطعوا وكلوا واشربوا وتكاثروا واعملوا نفسكم عايشين في بلد! عيشوا فيها واستمتعوا برخصكم وعجزكم وقلة حيلتكم! ولما تشتكوا ما تشتكوش لبني آدم زيكم! اشتكوا لربنا اللي ارسلّكم اكثر من علامة، لكنكم لا تفقهون.... اما نحن، فاتركوا لنا أرض الله الواسعة، وهنيئا لكم ضيقكم...


كن لا شيء: ده الدرس المستفاد. انت ولا حاجة: دي العظة. اسكت ماسمعلكش حس: ده اللي المفروض تعمله. 

محمد رمضان. صديقي عبر الفيسبوك اللي الحمد لله ما عرفتوش عن قرب. ربنا برضه كريم حليم وحماني من وجع القلب اللي شايفاه في صحابه المكلومين. لكم مني سلام ودعوة من القلب ان يخفف الله عنكم ألمكم ويصبركم. اصبروا وصابروا واحتسبوا.

محمد رمضان شاب مصري أصر انه يتنازل عن حصته في العجز والرخص وقلة الحيلة ويوهب الأمل والبسمة لفاقديها، لكن برضه ده ما شفعلوش.

Wednesday, February 12, 2014

يا خاسااارة


اتذكر في صيف عام 1991، كنا في اجازة تانية ثانوي وبنستعد لثانوية عامة، وكنا لسه بنسخن عشان الدروس وبنبتدي على خفيف. المهم بقى ايه، كان عندنا معسكر كشافة جيرار في مرسى مطروح واخدت أجازة من الدروس عشان اقدر احضر المعسكر، كنت وقتها مساعدة قائدة وكان عندنا عرف اننا في المعسكر، وعلى عكس شغلنا طول السنة في الكشافة وتقسيمنا في مراحل سنية ليها اهدافها وطريقة شغلها، بنتقسم في المعسكرات بطريقة مختلفة. بنتلخبط على بعض ونتقسم فرق من 6 لتمن فرق مثلا على شرط ان كل فرقة تبقى فيها من كل المراحل السنية. وكمان كان بيبقى مساعدات القائدات هما العرفا بتوع الفرق او قادة الفرق في المعسكر. وبيبقى في كل خيمة فريق كوكتيل من ابتدائي لاعدادي وثانوي بقائدة الفريق والمساعدة بتاعتها اللي بتبقى اصغر مني بدفعة. المعسكر ده كان من احلى المعسكرات اللي حضرتها في حياتي، عشان اولا كان دمه خفيف جدا ومسخرة وكان فيه حفلات سمر عالمية عملنا فيها فقرات لحد دلوقتي بافتكرها مع صحابي، ولسبب تاني ان الفريق بتاعنا كسب على مستوى المعسكر كله احسن اي افضل روح عمل بين الفريق وكمان كسبنا في دوري المعسكر مع اننا كنا كلنا ضايعين وبطيخ في اللعب! بس جينا على نفسنا وكسبنا عتاولة في الفريزبي ونط الحبل والبيسبول وطبعا كسبنا فرقة كارين اللي فرقتها كانت من اكتر الفرق اللي بتكتسح! اه وكمان كسبنا الفريق بتاع ميادة حماس قناص في الطبق الطاير!!!
المهم وصلنا مطروح على الضهر كده ولقينا مجموعة كشفية معسكرة قبلنا بس كانت حاتمشي تاني يوم وصولنا. يعني اول يوم وصولنا هو اخر يوم ليهم في المعسكر. وطبعا دي كانت حاجة مش مبشرة لأن جرى العرف ان اخر يوم في المعسكر بيبقى في حفلة سمر وليلة ليلاء للمجموعة اللي بتودع ارض المعسكر! ده معناه اننا شكلنا مش حانعرف ننام بالليل بما ان الأرض متقسمة بينا وبينهم! والأهم والأسخف بقى ان ده معناه اننا حاننصب الخيم مرتين! يعني حانزنق نفسنا اول ليلة في عدد خيام اقل في الأرض عشان تاني يوم وبعد رحيل الفريق ده حاننصب خيام زيادة في ارض المعسكر يعني حانعمل شغل دوبل! 
المهم بقى عدى اول يوم كويس لحد ما جينا لوقت حفلة السمر اللي بيختم بيها جيراننا اللي مشاركينا الأرض في المعسكر التاني. طبعا معروف للكشافين القدامى ان حفلة سمر ختام المعسكر دي بتبقى هي الهايلايت بتاع الاسبوع كله. اتذكر ان المجموعة اللي كانت معسكرة قبلنا دي كانت من اسكندرية بس كشافة بحرية، وليهم طابع مختلف كده! 
اتعشينا احنا ودخلنا ننام من هنا، وابتدت الحفلة اللوزعية من هنا! مشكلتنا ما كانتش اننا بنحاول ننام! ابسلوتلي! مشكلتنا كانت في حاجتين! اولا اسلوب قائد حفلة السمر، كان بيقودها كأنه في فرح بلدي! طبعا اتضح ان ده العادي واننا احنا اللي فافي! الحاجة التانية الأغاني اللي بيغنيها القائد ده! يختييييي! كان معلق على اغنيتين بالذات! 
أغنية منهم كانت كالتالي – مع العلم انه كان بيقول سطر والولاد بيردوا عليه: مرة من ذات المرات (والولاد يرددوا مرة من ذات المرات)رحنا جنينة الحيوانات (والولاد يرددوا رحنا جنينة الحيوانات)شفنا فيها حاجات وحاجات ...شفنا القطة بتقول نو نو نو نو نو نو (وفجأة لقينا المعسكر كله بينونو نو نو نو نو نو)وشفنا الكلب بيقول هو هو هو هو هو هو (وهنا طبعا لقينا المعسكر كله بيهوهو هو هو هو هو)طبعا حصلت حالة هستيريا في الخيام! ولا عارفين ننام ولا نعمل اي حاجة! البنات واقعة من الضحك وبقية صحابي برضه في خيامهم مش عارفين يسيطروا وصراحة الموضوع كان يضحك فعلا! 
نيجي بقى للأنشودة التانية واللي كانت هي التحلية بتاعة حفلة السمر وكانت واخدة سوكسيه عالي عالي عالي في معسكر الجيران. كانت بتقول كده:يا خاساااارة العشج فيه – والولاد يردوا العشج فيه (يقصد يا خسارة العشق فيه بس كان بيفتح كل حاجة في كلمة خسارة لسبب لا يعلمه الا الله)يا خاساااارة الشوج اليه (يقصد يا خسارة الشوق اليه)ثم يعيد الكرة يا خاساااارة العشج فيه - يا خاساااارة الشوج اليه وعشان يسخن الأرض يروح قايل كلمة كده عشان الولاد يصحصحوا فيقول ايه بقى؟ هوباااا فالولاد يسخنوا ويقولوا هما كمان هوبااا فتبقى الأغنية كالتالي:يا خاساااارة العشج فيه – العشج فيه يا خاساااارة الشوج اليه - الشوج اليههوبااااا 
طبعا الخيمة بتاعتي اللي كان فيها ايمان متولي وعبير بروس لي وبقية اعضاء الفريق كنا ميتين على روحنا من الضحك وبنغني معاه ونيجي عند هوبا دي نقلد الراجل وهوباااا ولا نمنا ولا اتنيلنا! المهم عدت الليلة على خير ونمنا متأخر جدا وده أثر في بقية ايام المعسكر! المشكلة بقى مش في اننا ما نمناش او ان الأغاني كانت غريبة! المشكلة اننا على مدار سبع ايام المعسكر كنا ما بنغنيش الا الأغنيتين دول: مرة من ذات المرات ويا خاسااارة العشج فيه وهوباااااا! وكانت هوبا دي كفيلة انها تقوم المعسكر كله على رجل! وهوباااااا
مش عارفة ليه افتكرت كل ده دلوقتي! بس كل اللي انا عارفاه ان المعسكر ده من اجمل الذكريات اللي عدت عليا! يمكن اللي حايقرا حايقول ايه الهبل ده! بس بالنسبة لنا ما كانش هبل ولا حاجة! دي كانت كل حياتنا وقتها! وده اللي باقيلي من ذكريات عمري ما حانساها!

Sunday, January 19, 2014

أوراق مبعثرة

محاضر اجتماعات حزبية يعود تاريخها لما قبل 2011 
خطاب قديم من شركة يونيليفر يعلمني بالزيادة السنوية لمرتبي
روشتات علاجي من كسر قديم بالقدم
ايصالات شراء ماكياج من محل وجوه 
ايصال الاشتراك السنوي بجمعية المرشدات
 كتالوج موبايل اتش تي سي
ايصالات ايجار شقة كنت قد استأجرتها بالقاهرة وكانت تقع خلف الكلية الحربية
ايصال شراء بقالة من سوبر ماركت تحت بناية كنت أقطنها خلف نادي هليوبوليس. أتذكر انني كنت احوم حول تلك البناية وقت اشتباكات مذبحة الاتحادية وكأنني استمد منها شعورا ما بالأمان.
سيرة ذاتية قديمة، عبارة عن صفحتين فقط –حاليا أقوم بضغطها بالكاد في خمس صفحات لكي تبدو أكثر مهنية.

أوراق مبعثرة... طالتها عملية فرز لأرفف مكتبتي منذ قليل! صاحبتها حالة مألوفة لدي من الفلاش باك والنوستالجيا. أرجعتني حوالي ثمان سنوات للوراء، وجدت معها مجموعة كتب قيّمة كنت أدخرها للقراءة في وقت لاحق ولم اجد الوقت الكاف لها عبر تلك السنوات!

وكأنني كنت أقلب في أوراق شخص آخر غريب عني! سؤال ملح دار في عقلي: "إزاي في السنين دي قدرت انتقل من مكان لمكان ومن بلد لبلد ومن شخصية لشخصية كده؟ ده حتى نوعية الكتب اختلفت!" من روايات عاطفية ودواوين شعر لسير ذاتية لشخصيات سياسية عالمية وتجارب تحول ديمقراطي..

مرة أخرى أتصفح اوراقي وانا على اعتاب مرحلة أخرى جديدة ومختلفة ... تأكد لي بعد هذه الجولة الصباحية في تلابيب الذاكرة، أنني دائمة الترحال، لا منتمية، على أهبة الاستعداد للسفر، مواطنة "عالمية" على حد تعبير صديقة لي، أرغب في التغيير بشكل دائم، أعد حقائبي في نفس سهولة استخدامي لريموت كنترول التليفزيون، بدون أي مجهود يذكر.

لا أعرف كيف ومتى أصبحت هكذا... فأنا ابنة بارّة للطبقة الوسطى المحافظة بكل ما تحمله من قيم ثابتة وسلوكيات تميل للاستقرار وعدم الميل للتغيير بسهولة... قيم ترسخت عبر سنوات الستينيات التي يفتخر أبي وأمي بالانتماء اليها.  أعلم أنني بالنسبة اليهما الطفل المختلف الذي يسبب لهما أرقا دائما برفضه للمألوف. أرفض بشكل تلقائي الدور المكتوب لي ولكل فتاة من جيلي ومن أجيال سابقة اعتادت على توارثه عبر الأزمان... رفضته أنا، ليس عن شجاعة ولكن لأن الظروف اضطرتني لرفضه ليس الا. وليس في هذا أي ادعاء زائف للبطولة.

أبدأ في مطلع الشهر القادم مرحلة جديدة لاكتشاف نفسي، دراسة جديدة سأبدأها في مجال جديد اكتشفت ميلي اليه خلال السنوات الماضية، لا أعلم ان كنت سأنجح ام لا، لكنني اعتدت على التجريب، لن يضيرني شيء! لا أخفي عليكم، لم اعتد الفشل قط. الفشل. تلك الكلمة التي لم نكن نجرؤ على النطق بها وقت أن كنا تلميذات صغيرات في تلك المدرسة الفرنسية ذات التربية الكاثوليكية الصارمة التي لم تكن تقبل عن النجاح والتفوق بديلا، تلك التربية التي جعلتني في حالة دائمة من الشعور بالذنب... والتي شكلت وجداني وعقلي والتي جعلتني ما انا عليه الآن.  

شعور ملح انتابني فجأة جعلني اترك لوحة المفاتيح وأنهي ما أكتبه ولو بدا غير مكتمل ، لكي أستكمل البحث في أوراقي المبعثرة في أرجاء الغرفة. أحتاج لتلك الشحنة التي تبعثها تلك الأوراق وتلك الذكريات. أحتاج لتلك الشحنة لكي أستعين بها لمواجهة ما هو آت...

مشيرة صالح
سيدي جابر، الاسكندرية

19 يناير 2014 

Tuesday, January 7, 2014

دي الحيطة المتينة

في مفارقة نادرا ما تحدث نظرا لذكائي المتقد وألمعيتي المبهرة ولأني دايما بافهمها وهي طايرة، تبين لي انني فهمت بعض كلمات اغنية المطربة عفاف راضي "ياللا بينا" بصورة خاطئة. الأغنية من كلاسيكيات أغاني الأطفال ويقول مطلعها: ياللا بينا ياللا ياللا ياللا ياللا بينا. دي الشموسة طلّة طلّة وبتنده علينا.


 في كوبليه من الكوبليهات تخاطب فيه عفاف ابنها وتقول له:
علشان انت هادي انا حاخدك للنادي

ننزل حمام السباحة نعوم زي السفينة

وحانركب مراجيح تعلى في قلب الريح

ياللا يا روحي اركب ما تخافشي 

دي الحبال متينة! 

اثناء طفولتي كان والدي يدللني كثيرا! كان يعلم انني احب المراجيح جدا! ولم اكن مشتركة في نادي كي استطيع ان امارس لعبتي المفضلة. يا دوبك كنت اذهب لقصر ثقافة سيدي جابر حيث كان به بعض الألعاب البسيطة، وأحيانا كنت اذهب مع اصدقائنا المشتركين في نادي سموحة لكي نشاركهم اللعب هناك. وكنت مدمنة مراجيح!

وفي صباح يوم تاريخي، قرر والدي ان يقوم بتركيب مرجيحة لي في المنزل! لم أصدق ان حلمي يمكن ان يتحقق! وقرر أبي في حركة جدعنة وحب شديد لي ان يثبت لي مرجيحة ليس في فراندة جدتي ولا في بلكونتنا، لكن في قلب المنزل ذاته! في حلق باب غرفة المعيشة! قام بتركيب مسمارين كبار، وثبت فيهما حبال مناسبة، ثم قام باحضار قطعة خشب مستطيلة اقصر قليلا من عرض حلق الباب، بما يسهل حركتها، تلك الخشبة ستكون بمثابة كرسي المرجية الذي سأجلس عليه، ثم قام بعمل ثقوب في الأركان الأربعة لتلك الخشبة المستطيلة لكي نثبت فيها الحبال! كانت الحبال متينة بالفعل!

لعبت كثيرا على تلك المرجيحة! كنت طفلة يرضيها اي شيء! وكانت مرجيحتي بالاضافة لمجلة ماجد والغاز المغامرين الخمسة هي قمة متعتي! ما زلت اتذكر تلك الفرحة العارمة عندما دشننا تلك المرجيحة والتي لا تضاهيها الا فرحتي بالعدد الجديد لمجلة ماجد او لغز من الغاز المغامرين الخمسة والذين اعتاد ابي على شرائهم لي كل اسبوع بما لا يعطلني عن المذاكرة.  

لم أعلم الى الآن لماذا وكيف كنت أغني تلك الأغنية بكلمات مختلفة تماما. كنت عندما أدندنها، أغنيها بدقة متناهية ما عدا في مقطع: ياللا يا روحي اركب ما تخافش دي الحبال متينة! كنت أغنيها انا كالتالي: ياللا يا روحي اركب ما تخافش دي الحيطة المتينة! كنت، وما زلت، مقتنعة تماما بأنها تقصد الحيطة المتينة التي كان والدي يثبت فيها المرجيحة!

كلمات الأغنية هنا تدلل على قوة ومتانة المرجيحة وعدلم قابليتها للسقوط، كما كان والدي يثبت مرجيحة متينة لا تسبب لي اي ضرر جسدي من جراء السقوط او "الانقلاب"، فتصورت بالطبع انها تصف الحيطة وليست الحبال بأنها متينة...

لم اكتشف هذه المفارقة الا منذ عدة ايام عندما سمعني صديق لي ادندن الأغنية وفوجئ بكلماتي التي استبدلت بها كلمات اإتية الأصلية! بالطبع كنت مادة للضحك، ولم استطع اقناعه بسبب غنائي لها بهذه الطريقة! ولم اكتشف السبب الا عندما عدت للمنزل في الاسكندرية. 

الغريب انني لم أتذكر كل تلك التفاصيل الا الآن بالرغم من أننا لم نحتفظ بأي صورة لتلك المرجيحة او لنا ونحن نلعب عليها! وكأن تلك التفاصيل والمنمنمات، حفظت في مكان أمين منذ عشرات السنين، درج مسحور، أغلق عليها، ولم أكتشفه الا الآن لكي تتداعى الصور الواحدة تلو الأخرى، أستحضر فيها تلك اللحظات لكي تذكرني بطفولة هنيئة كان يرضيها أقل القليل... حتى ولو كانت مرجيحة مثبتة في باب الغرفة...   

مشيرة صالحالسابع من يناير 2014
   

ربيع 1980

ربيع 1980 
مدرسة جيرار الصغيرة كليوباترا شارع بورسعيد - كنا بنسميها الصغيرة عشان كان في فرع تاني للمدرسة فيه الابتدائي والاعدادي كنا بنسميه جيرار الكبيرة، وكانت في بولكلي
سنة اولى ابتدائي
تاني صف من فوق
تالت واحدة من الشمال
لابسة طوق ابيض على شعري

متحفزة كعادتي. 
البنت اللي واقفة على شمالي وشكلها اجنبي اسمها ميلاني ريشار وكانت صاحبتي. هي بنت فرنساوية قعدت معانا سنة واختفت من حياتنا فجأة كما دخلتها فجأة! المهم انا وهي اتفقنا نقف وقفة متحفزة، "موست بروبابلي" سخافة مش اكتر! طبعا انا أفورت كالعادة وطلعت اوت واتسجلت للتاريخ! 

امي لم تغفر لي قط تلك الصورة حتى الآن! وفاكرة كلامها ليا لما جبتلها الصورة! سألتني ليه تعملي كده؟ ليه ما ضحكتيش زي بقية صحابك! قلتلها ما معناه انا كنت حابة اقف كده واتفقت مع ميلاني على كده وما كانش ينفع ارجع في كلامي معاها، ده غير اني شايفة شكلي حلو جدا ومختلفة عن الباقيين! ملحوظة: واضح ان ميلاني باعتني وما عملتش الوقفة اللي اتفقنا عليها وانا اللي التزمت باتفاقنا... عادتي ولا حاشتريها...