Friday, November 14, 2014

ولكم في الانتحار حياة

 ليست زينب مهدي ببعيدة عنا. جميعنا بداخلنا زينب مهدي. لا تنكروا أن بعضنا، ان لم يكن معظمنا، قد فكر في لحظة ما في الانتحار، لولا بعض من جبن، ولن أقول ايمان... الانتحار. تلك الفكرة الرومانسية بكل ما تحمله من ارادة وتطهر للذات، تمثل هروبا من هذا العالم الذي لا يحتمل البعض قسوته. لا اعلم ان كنت قد قرأت تلك الفكرة في مقال ما سابقا، أم انها خاطرة من خواطري. لكنني أعتقد ان القلوب الصادقة مرهفة الحس، كان من اللازم ان يتم انذارها وتحذيرها بما ستقابله في هذا العالم. أليس من الرحمة بمكان أن يتم انذارها وهي على أعتاب باب الدنيا بأنها ستقابل ما لن تحتمله؟ ألم يكن من الأفضل لنا جميعا، ان يكون لنا مطلق الحرية في أن نختار؟ أن نكمل الرحلة او نتراجع...

لم لم يخترع أحد العلماء مقياسا لرهافة قلوب البشر؟ على أن تتلقى أجساد أصحاب المؤشرات العالية انذارا أوتوماتيكيا، بشكل واضح لا يحتمل اللبس، ينبههم ويعفيهم من استكمال الرحلة.

لا أعرف زينب بشكل شخصي. ولكن الخبر كان مزلزلا. أكان من الممكن أن أكون زينب؟ أكان من الممكن ان تكون احدى صديقاتي هي زينب؟ ألسنا جميعا زينب؟ رحماك يا الله. ان الاختبار يزداد صعوبة. وبالرغم من أنني أحسب نفسي طالبة مجتهدة، الا أنني اعترف انني لم اعد احتمل تلك الصعوبة. كنا نتندر بمقولة دائما ما يرددها المسئولون عن النظام التعليمي المصري حين يطمئنون أولياء الأمور عن اختبارات نهاية العام، بأنها ستأتي في مستوى الطالب المتوسط. فما بال اختبار الحياة وقد أصبح دوما في مستوى الطالب العبقري؟!

أعترف ان الألم النفسي قد أصبح فوق مستوى احتمالي. لم أعد أستطيع.

هناك فكرة رومانسية لا تبارحني بل تريحني للغاية. ألا وهي ان انتحار زينب حقن المزيد من الدماء. حفظ المزيد من الأرواح. وأنها افتدتنا بروحها. تروقني تلك الفكرة. تصبرني على فجيعة موت فتاة شابة في مقتبل العمر، حتى ولو لم أكن أعرفها. في ظل هذه الفكرة يصبح لموت زينب قيمة كبيرة. هي قديسة بالنسبة لي. نعم. كانت هي فداءا لنا. لكي ننتبه ونعلم ان لوجودنا معنى ما. وأن لبقائنا معا هدف أسمى، هذا الهدف قد ينقذنا من شرور أنفسنا...

منذ بداية الثورة، في 2011، وقلبي يعتصره الألم لفقدان اشخاص لم اعرفهم بشكل شخصي، لكن فراقهم ترك مرارة في قلوب محبيهم، وأجدني أتجرع تلك المرارة بحكم قربي لهؤلاء المحبين.


هناك تشبيه أستريح له أشخص به حالتي.  أعتقد ان قلبي وروحي أصبحا يشبهان تلك الأسلاك العارية، التي فقدت بسبب كثرة الاستهلاك تلك الطبقة البلاستيكية التي تحميها من اي تفاعل مع الوسط المحيط بها. هذا الغطاء يحمي الغير من اي شرر متطاير قد يصيبهم من جراء هذا التفاعل.  أعتقد أن روحي قد طالها هذا التغيير. روحي أصبحت مثل "السلك العريان". قد يكون من المجدي ان اعلق لافتة مكتوب عليها: "ممنوع الاقتراب". او "احترس! هذي الروح كالسلك العاري". مع ملحوظة مكتوبة بخط صغير يكاد لا يرى بالعين المجردة: هذا العالم ليس للقلوب الواهنة....

زينب كما يجب ان يتذكرها محبوها 


رابط خبر انتحار زينب مهدي
http://www.almasryalyoum.com/news/details/571477

تعليق احد اصدقاء زينب على انتحارها
http://m.almesryoon.com/%D8%AF%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D8%A3%D8%AD%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86/595215-%D8%B5%D8%AF%D9%8A%D9%82-%C2%AB%D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A8-%D9%85%D9%87%D8%AF%D9%8A%C2%BB-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7?template=mobile