Wednesday, June 20, 2012

عن الوضع الراهن

ايوة كلمتين نفسي اقولهم بقالي يومين! 

انا شخصيا مش حاخوض للاخوان معاركهم! الاعلان الدستوري المكمل هو خطوة طبيعية بناءا على التعديلات الدستورية بتاعة 19 مارس! يعني "نعم" هي السبب فيما نحن فيه الان! نفس النعم اللي الاخوان دعوا اليها بقوة وبأسلوب كان هو صفارة بداية الماتش بتاع الاستقطاب الديني بعد الثورة العظيمة الي عملناها وما كانش فيها فرق بين الليبرالي والاخواني والسلفي واليساري والمسلم والمسيحي بطبيعة الحال! وبالرغم من ان المبادئ لا تتجزأ لكن اكيد كلنا من جوانا ما كناش عايزين رئيس اخواني بسلطة مطلقة! قد تكون نفعية او انتهازية كما يلقبها البعض! لكن اعذروني لازم نبقى صريحين ونسيبنا من الثورية الرومانسية الحالمة الخايبة اللي جابتنا ورا! حتى الآن الاخوان لم يقدموا اي ضمانات تطمئن المصريين -او التيار المدني- لشكل الدولة تحت حكمهم! اللي ادى الاخوان صوته عامل زي ما بنقول احنا الاسكندرانية بيشتري سمك في مية! وزي ما قلت الاعلان الدستوري المكمل ما هو الا احد توابع تعديلات 19 مارس! 

الخناقة بين الاخوان والمجلس العسكري احنا مش عارفين تفاصيلها ومش عارفين ايه التصعيد او رد الفعل المطلوب! هما دعوا لمظاهرات! يعيشوا حياتهم هما! مش عشان انا ندلة لكن لأن المنطق بيقول ازاي اعترض على حاجة كانت متوقعة! هناك من يظن ان مرسي هو مرشح المجلس العسكري على فكرة! والخلاف اللي بين الاخوان والمجلس العسكري دلوقتي ده زي ما بنقول في المثل الشعبي ما شافهمش وهما بيسرقوا شافوهم وهما بيتحاسبوا! طيب العمل ايه دلوقتي! في رئيس طرطور جايلنا! ليه المفاجأة؟؟؟ ما احنا كنا عارفين ان الرئيس اللي جاي طرطور ومش عارف ايه مسئولياته وصلاحياته! ولا احنا نسينا اد ايه كنا بنضرب مثل برجاحة رأي وطول نظر البوب (البرادعي للي مش عارف اسمه الحركي الجديد) ورؤيته الثاقبة ورفضه المشرف للترشح في هذه المهزلة!! مالنا بقى اتفاجئنا النهارده وركبتنا النخوة فجأة!! ولأااااااااه ازاي رئيسنا طرطور!! الله الله الله؟؟ انت فاجئتني؟!!! ايه الخيبة دي بس؟؟ لو الاعتراض على الضبطية القضائية موافقة ماشي!! مبررة (على فكرة مبررة دي بقت كلمة سيئة السمعة بعد ابو الشفاشق ما بهدلها معاه) 
طيب الخطوة الجاية ايه؟ حانعمل ايه دلوقتي؟؟ في رأيي الشخصي والمتواضع جدا ان الخطوة الجاية مش مسيرات ومظاهرات!! وما حدش يقولي ان الميدان موجود!!! الميدان فقد تأثيره الى حد كبير بس مش تماما برضه عشان نبقى صادقين مع نفسنا! لكن محتاجين نفوق بقى لأن موضوع المسيرات ده ما بقاش مؤثر في الشارع خالص على فكرة! يبقى الرك دلوقتي على ايه؟ على الشارع الحقيقي!  مش الشارع اللي بيني وبينه حاجز زجاجي غير مرئي باحسه اوي اثناء المسيرات في اسكندرية! الشارع الي فاهمني وانا فاهماه  ولنا في نتيجة الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة عبرة  بينت ان الناس لم تتأثر بدعوات المقاطعة والابطال! شاهدوا حلقة ابراهيم عيسى في السادة المرشحين اللي بيحلل فيها النتائج الأولية 
السادة المرشحون: وهم المقاطعة والباذنجان المخللhttp://www.youtube.com/watch?v=DjTBFXEU8vg&feature=player_embedded


طيب احنا عندنا اولويات. اولها الدستور! 
في بارقة امل بتعيين المستشار حسام الغرياني رئيسا للجنة التأسيسية. نستنى ونشوف ولما يتطلب الأمر يبقى لينا رد فعل، نصعد نعمل اي حاجة يتطلبها الموقف ساعته! يمكن غلط اننا دائما لا نبادر لكن يقتصر دورنا على القيام برد الفعل فقط!  لكن الموقف كالتالي ننتظر ونرى 

 لكن ده يوصلني للأولوية التانية في نظري الشاااااارع! ايوة الشارع! لازم نجهز الشارع لايه؟ شوف يا سيدي!

اولا الاستفتاء على الدستور مبدأيا. ازاي مش عارفة. بس نفكر فيها سوا بس انا حاليا بافكر في مبادرة انا ومجموعة من الزملاء النشطاء والمعنيين بالعمل العام والسياسي بالاسكندرية سأعلن عنها في حينها عندما تكتمل

ثانيا: المحليات والبرلمان اللي جاي! 
لازم نبتدي نشتغل في مناطقنا استعدادا لانتخابات المحليات والبرلمان القادمة. مش شرط عشان احنا نترشح كأشخاص! بس ممكن على فكرة لمن يجد في نفسه القدرة على الدخول في معترك الانتخابات ويري انه لها فليتوكل على الله!  التغيير حايبدأ من هنا! لما الميدان ينتقل لمنطقتك وشارعك وبيتك! نشتغل بقى زي الرجالة كده والثوار الحقيقيين! نعمل الفرشة التمام عشان لما الانتخابات تيجي ما نصدمش من اختيار الناس ونسب ونلعن في الشعب ونقول شعب جاهل اختار شفيق! شعب غبي اختار مرسي! لأ يا حبيبي اشتغل انت ووريه وفهمه الاختيار اصلا يبقى على اساس ايه عشان لما يختار يختار صح! اللي هو مش شرط يكون اختيارك على فكرة! بس يبقى فاهم على اساس ايه يختار مرشحه! ولو لزم الأمر تساعده هو انه يكون مرشحك! لو انت شايف انه قائد طبيعي وشعبي وجاي من الناس وبيعبر عنهم!  ده دورك كناشط او كمواطن ايجابي عايز مصلحة البلد دي

انا حاحكي عن تجربتي البسيطة جدا! ابتديت بكلام بسيط اوي مع اهل منطقتي! شارعي في سيدي جابر الشيخ في اسكندرية! باتكلم مع الناس! باخصص ساعة او اكتر يوميا انزل اقعد مع عم رضا صاحب القهوة وعادل صاحب المكتبة على الرصيف التاني وايهاب صاحب المكتبة اللي تحت بيتي وعم ابراهيم البواب وعم صابر بتاع الفول وطه المصوراتي وانكل اسامة من اعمدة المنطقة! بنتكلم عن الوضع الراهن زي ما بتقول النخبة في التليفزيون! احسن كلام موزون وله معنى وموضوعي ومبني على اسس منطقية وادلة وبراهين وفهم حقيقي للشارع واولويات المواطن! ناس عايشة في الشارع! هما دول اللي قالولي مش عايزين "امات دقونة". مش قادرة اوصف اد ايه انا اتأثرت بيهم وتخيلوا انا اثرت فيهم؟!! ايوة كلهم صوتوا لحمدين (ما عدا عم رضا صاحب القهوة ادى مرسي لأنه شايف ان الاخوان اتظلموا في تجربة مجلس الشعب وانهم لازم ياخدوا فرصة مرة واحدة او فليصمتوا الى الأبد! منطق والله) جيراني واهل منطقتي شاركوني في توزيع فلايرز لحمدين وامسك فلول وساعدوني في تعليق بانر كبير لحمدين على البلكونة بتاعتي! باحس بدفعة وطاقة رهيبة لما بارجع البيت بعد ما باقعد معاهم وللحق انا اتغيرت كتير وبقيت اهدى من الأول ونظرتي بقت موضوعية جدا بعد احتكاكي بيهم

ملحوظة: غير ان سيدي جابر كان فيها اكتساح لحمدين صباحي فهي ايضا اعلى دائرة صوتت ب لا على التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011! يعني دائرة نموذجية تبشر بالعمل الجاد اللي ممكن يجيب نتيجة! ما هي جابت نتيجة مع حمدين اهي!

انا مش متفاءلة بطبعي على فكرة! بالعكس انا عن جدارة ملكة اسوأ السيناريوهات المحتملة! في كل حاجة على المستوى الشخصي والمهني والسياسي كمان! تربيتي وتجاربي السابقة علموني كده! لكن انا شايفة اننا لازم دلوقتي نفكر زي ما الشارع عايز! الشارع عايز يهدا ويبص لقدام! خلاص نبص لقدام معاه ونساعد نفسنا ونكسبه في صفنا

صدقوني الثورة دي حاتنجح لو اتنقلت لبيوتنا وشوارعنا! بس على المدى الطويل احنا بس اللي ما اعندناش صبر! نصبر ونسترجل كده وما نبقاش خيخة! 

انا كده خلصت اللي عندي! اللهم بلغت اللهم فاشهد

سلام
أنا
في 20 يونيو 2012 في حوالي الساعة الثالثة والنصف عصرا




حلقة ابراهيم عيسى في برنامج السادة المرشحون عن نتيجة الجولة التانية من انتخابات الرئاسة المصرية يوم 19 يونيو 2012  على اون تي في لايف










Monday, June 18, 2012

أحزان سبتمبرية


حالة تنتابني في مثل هذا الوقت، سبتمبر من كل عام: نهاية الصيف، "روايح" الخريف، الغيوم، النسمة البحرية التي بدأت تتخلص من ثقل الرطوبة لتستقبل برد الخريف المحبب الى النفس. مشاعر متضاربة متناقضة، يجمعها حزن ما، شجن ما، حنين لزمن مضى، لذكريات قد لا تعود، لأيام ارغب بشدة في استعادتها، في أن أعيشها مرة أخرى. حنين لمشيرة كانت، توق لبراءة تفتحت عيناها على حقائق الحياة بمرور الأيام والتجارب!

بالنسبة لي يمثل سبتمبر شجنا عذبا احن اليه وافتقده، ولكنني اعلم يقينا انني سأقابله في نفس الوقت من كل عام! منذ طفولتي وانا اعشق المدرسة وما زلت، ربما لأنها المكان الذي كنت اشعر فيه بالتقدير وبتحقيق ذاتي منذ نعومة أظافري، ربما لأنني ادمن تلقي العلم لأسباب أجهلها تماما، ربما لأنني افضل دائما ان انتمي لمجموعة اكبر افخر بها واستمد ثقتي بنفسي منها! وسبتمبر يمثل نقطة الذروة، فهو في مصر شهر "دخول المدارس"، أما بالنسبة لي فهو كرنفال سنوي، امارس فيه طقوسا مقدسة يتصدر مشهدها الزي المدرسي والحذاء الجديد و الكتب المدرسية بكل عذريتهم وجدتهم.

هل من المعقول ان اتمنى ان اعيش تلك الأيام التي كانت، أن اعيشها كمشيرة ابنة السبعة وثلاثين عاما؟ مستحيل! هل استطيع ان اعيش تلك الأيام التي كانت لكن بجنوني او بنضجي الحاليين؟ هل انا ما زلت انا ام أنني يتم استبدالي بمشيرة أخرى؟

اجد نفسي في بعض الأوقات احن للماضي، وفي اوقات اخرى اجد نفسي راضية تماما عما انا فيه. لكن قلبي مثقل... هو ليس مثقلا بالهموم ولكنه مثقل بعذوبة هذا الشجن. أتراني أستعذب العذاب؟ هل هي حالة من المازوكية؟ أم أننا في بعض الأحيان نحاول ان نتخلص من ذنوبنا فنمارس على أنفسنا بعض السادية لكي نتطهر؟

المدهش أن هذه الحالة لا تتغير بمرور السنين! ثابتة بثبات شهر سبتمبر واحتلاله للترتيب التاسع في نتيجة الحائط من كل عام! أعلم أنني سوف أشعر بكل هذا الشجن والحنين والعذوبة بعد عام من الآن.

يأيها الحنين ويأيها الشجن، برغم الألم، انتظركما بفارغ الصبر في سبتمبر من العام القادم

مشيرة صالح
الاسكندرية
في الواحد والعشرين من سبتمبر 2011
في تمام الساعة السادسة الا ربع مساءا

شاطئ اسكندرية و خريف سبتمبري رائع

Wednesday, June 13, 2012

في انتظار الحكم ...



بعد حلقة ابراهيم عيسى النهارده لقيت نفسي حاسة بخنقة رهيبة، كل احساس الاحباط والفشل اللي واجهناه في الثورة اتكثف وبقى حمل جاثم على صدري! حسيت ان مصيري في ايد ناس تانية مش واثقة فيهم، حسيت اد ايه انا ضعيفة، وانا عمري ما سمحت لحد يتحكم في مصيري! لقيت نفسي باعيط وبادعي عشان الدستورية تمرر قانون العزل وتحل البرلمان! منتهى السذاجة!! ايه السذاجة وقلة الحيلة دي؟ قهرة حسيتها لأني نفسي نبتدي على نضافة! خايفة ومش عارفة اعمل ايه! في حاجة باكرهها جدا وهي ماكونش عارفة ايه الخطوة الجاية اللي لازم اعملها! طول عمري بابقى حاسبة الخطوة الجاية في حياتي! لكن اللا شئ ده مش عارفاه ومش متعودة عليه! حاسة اني مهزوزة! ان يصيبني الشأن العام بكل هذا الاحباط والخوف من الغد وعدم الاطمئنان والقلق المرضي وانعدام الثقة غير طبيعي ولا يستطيع عقلي ان يتقبله! فكرة الانتظار ايضا تزيد من احساسي بالعجز! انا احسن من كده! انا دايما باتحكم في مصيري، قراري من راسي زي اللبنانيين ما بيقولوا لكن نبقى مجرد مفعول بهم كده، شئ تعدى حدود المنطق والمعقول وكل شئ! 

تعبت... 

Monday, June 11, 2012

لقد شعرت اليوم بالحرية


اكتب عن اطباعاتي، بعد 3 ايام من اندلاع موجة ثورية اخرى للثورة المصرية العظيمة، التي دائما ما تدهشنا وتصر على مفاجآتنا عندما نظن انها خطفت وتمت سرقتها! شأنها شأن المصريين الذين دائما ما يثبتون انهم يخبئون الكثير والكثير خاصة في احلك الظروف!

اتحدث عن المواجهات التي تحدث بين الثوار والداخلية عند مبنى مديرية الأمن بسموحة بالاسكندرية قرب ميدان فيكنور عمانويل منذ يوم 19 نوفمبر

مشاعر متضاربة ومتناقضة! حزن على الضحايا وفرحة بالثورة التي استيقظت مرة أخرى من سباتها، فخر بالشباب البطل الذي لا يهاب الداخلية ومدرعاتها ورصاصها المطاطي وغازها المسيل للدموع الحارق للوجه والأعين! احتقار للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي سرق الثورة عمدا مع سبق الاصرار والترصد والتآمر والتحفز ، كره ومقت شديد للداخلية "البلطجية" على حد هتاف الثوار اليوم! عدم اقتناع بالعملية الانتخابية كلها وبالواقع المصري ككل، ويقين ان الثورة ستنتصر لا محالة! رأيتها في أعين الشباب اليوم. رأيتها والله

اود ان اسجل انطباعاتي عن الشباب الأبطال، والله العظيم ابطال! لم يرضوا بالرضوخ والخنوع، يقفوا عزل امام آلة الداخلية المتوحشة! شباب كلهم 19 و20 سنة في الكليات منهم اصدقائي من الحزب ومن 6 ابريل و من المستقلين يقفوا امام مديرية الأمن، وشباب ابطال على موتوسيكلات وفي ميكروباصات وتريسيكلات يدخلوا لحد المديرية يشيلوا المصابين من الغاز والرصاص المطاطي ويطلعوا بيهم للمستشفى الميداني وللاسعاف عند ميدان فيكتور عمانويل! عمليات كر و فر بيننا وبين الأمن، مدرعات تخرج تهاجم الناس من عند المديرية من ناحية جامع حاتم، الأمن يقبض على الشباب لكن المتظاهرين يأخذوا بعض العساكر كرهينة ليبادلوا بهم الشباب!

تواردت اخبار من سكان العمارات المحيطة بالمديرية ان الأمن اخبرهم بضرورة اخلاء العمارات قبل الليلة، ولو اضفنا هذه الخبر لمشاهداتي تثبت ان مواجهات اليوم هي الأكثر وحشية منذ اندلاع الأحداث الدامية، فهذا يجعلني على يقين ويجعلني اصاب بالرعب ايضا من ان هناك هجوم مباغت ووحشي سيحدث الليلة على الثوار والتظاهرين عند الميدان بسموحة بالاسكندرية

اليوم كانت الدعوة لمليونية تطالب باسقاط المشير وتسليم السلطة "الآن" لسلطة مدنبة اما لمجلس رئاسي مدني اعضاؤه رموز مصرية وقيادات سياسية من شتى التيارات والاتجاهات تعبر عن كافة التيارات السياسية في المشهد المصري او تعيين حكومة انقاذ وطني لها كافة الصلاحيات، حكومة ثورية تعبر عن مصر ما بعد الثورة. المظاهرات بدأت في الاسكندرية من مسجد القائد ابراهيم بعد صلاة العصر متجهة لقيادة المنطقة الشمالية بسيدي جابر. ذهلت من عدد "المواطنين الشرفاء" الشرفاء بجد الذين استجابوا للدعوة! آلاف من السكندريين الذين افخر انني واحدة منهم، مشينا جنبا لجنب نهتف 
المرة دي بجد ... مش حانسيبها لحد
يسقط يسقط حكم العسكر
ايوة بنهتف ضد العسكر ... احنا الشعب الخط الأحمر
امشي ... ارحل ...
مش عايزينكو
ارحل يعني امشي ... يمكن ما بيفهمشي
خالتك سلمية ماتت .. انسى الثورة اللي فاتت
زي ما هيا زي ما هيا ..  الداخلية بلطجية

وصلت المظاهرة لمسجد سيدي جابر عند صلاة المغرب، توقفنا للصلاة هناك عند شارع بورسعيد، وذهلنا عند وصولنا لبداية شارع بورسعيد عند مبنى بيع المصنوعات عند رؤيتنا للأعداد كاملة وهي تصلي! المغرب، بعضنا بكى والبعض هتف الله أكبر والبعض انتابته خالة هستيرية من الفرحة. احلى ما في اليوم ان المظاهرة على حد تعبير طارق كانت "زيرو اخوان وزيرو سلفيين". فعلا المصريون الوسطيون الليبراليون اليساريون البسطاء كثيرون! نحن كثير ويجب ان نفخر بأنفسنا بشدة...

لكن كان في القلب غصة، حيث ان زملاءنا عند مديرية الأمن بسموحة كانوا يتعرضوا لهجوم ضاري من الداخلية وكانوا يطلبون منا مددا، لذلك كنت اود ان ادعو المتظاهرين ان يتركوا المنطقة الشمالية و يتوجهوا للمديرية، يمكن العدد الكبير يخلي الداخلية تلين! لكن كان رأي زوجي انه لا داعي لذلك لأن الناس لن تستجيب كما أننا سنخسر عددا كبيرا من المتظاهرين. لكن المفاجأة كانت بعد ان القى المشير خطابه الذي ذكرني بخطاب المتخلي بكلمته الشهيرة "سأظل"، فقد قام المتظاهرون بخلع احذيتهم ورفعها وبدأوا في ترديد الهتافات التي تدعو للتوجه للميدان، ميدان فيكتور عمانويل الذي يشرف على الطريق الذي يؤدي للمديرية عند طريق 15 مايو بسموحة، وبدأت المسيرات بأعداد كبيرة نحو الميدان. ما فاجأني هو حماس المتظاهرين واستعدادهم التام للذهاب الى هناك غير عابئين بما سيحدث وبما يسمعونه من المواجهات الدامية. كما انهم أعدوا طرقا غير تقليدية لمواجهة قنابل الغاز التي تلقى بشكل كثيف، وذلك بخلط بعض من دواء الحموضة ايبيكو جل بالماء ووضعه في بخاخات للرش على الوجه وذلك للتخفيف من حدة الغاز وتأثيرها السئ على الوجه والأعين، كما انهم استعانوا بحبوب الكربن للتقلق من امتصاص الجسم للغازن بالاضافة بالطبع للكمامات والكوفيات التي تحيط الوجه كله.

انا اكتب هذه النوت وعلى وجهي آثار خليط الايبيكو جل، فهو يترك آثارا كالجير الأبيض على الوجه، كان شكلنا جميعا مثير للشفقة والضحك معنا! كلنا متعبين، بعضنا اغمى عليه وبعضنا اعينهم مصابة بسبب الغاز، وواحد من ابطالنا الشباب محمد عبد الحميد، طالب بكلية التجارة اصيب بطلقة خرطوش! يذهلني هذا الشاب الرائع الجميل بحماسه، واصاباته المتكررة، حيث انه اصيب عند اعتصام  الطلبة عند مبنى ادارة الجامعة اعتراضا على هند حنفي في شهر اكتوبر الماضي بخلع في الكتف بسبب القاء حجارة عليه من قبل موظفي الجامعةن واليوم اصيب بخرطوش "على الماشي". ربنا يحميك يا محمد ويحمي الشباب اللي زيك، اللي بيذهلوني بشجاعتهم، واللي بيكسفوني بسبب جبني وخوفي ورعبي من الغاز والضباط والعساكر والمدرعات ...

تواردت اخبار عن اقتحام الأمن للمستشفى الميداني، اتجهنا للميدان لكن الغاز كان كثيف جدا و ما استحملتوش! لكن بعد ما وصلت البيت، طارق بلغني ان الداخلية استعادت ميدان فيكتور عمانويل بعد ما رمت حوالي 15 قنبلة غاز وسيل من رصاص الخرطوش فاضطر الناس للفر، لكنهم اجميع قسموا انهم سيعودوا يوم الجمعة وهم مستعدون تماما كيوم 28 ينايرن من الآخر مستحلفينلهم، كما انه وردت اخبار ان رجال العطارين والورديان ومينا البصل وبحري يعدون العتاد لمقابلة الداخلية في الجولة الثانية!

لا انكر ولا استطيع ان اخفيكم سرا انني و لأول مرة منذ شهور اشعر بالحرية، تنفستها! احساسي انني انتمي لتلك الجموع الهادرة الغاضبة المحبة لبلدها جعلني فخورة، نسيت انتمائي الحزبي او تناسيته! لقد قمت بما كنت اريد القيام به منذ شهور.  شعرت بالحرية اليوم

اظن ان الجميع يتفق معي ان الوضع مؤسف ومزري وكالعادة: النظام والحكومة والمجلس الزفت العسكري يتركوا المشكلة تتفاقم حتى تصل لحد الأزمة، تدليل زائد عن الحد للداخلية وضباطها كأنهم لا يتعلموا الدرس أن هذه الثورة قامت يوم عيدهم على قمعهم وبطشهم وحشيتهم! لم ولن يتغيروا! وللأسف هم لا يعلمون ان الشباب في كل ميادين التحرير مستعدون للموت! اقسم بالله العظيم الشباب مستعد للموت ولا يخاف احدا الا الله

لا اعلم ما الذي علي فعله غدا صباحا! هل اتوجه للميدان ام للقائد ام لميدان التحرير ام اذهب لعملي صباحا ام ابقى بالبيت احتجاجا وحزنا وغضبا؟ يا الله! يا الله! الهمني الصواب يا رب! الهمنا جميعا الصواب...

مشيرة صالح
الأربعاء الثالث والعشرين من نوفمبر 2011
الساعة الثانية الا الثلث صباحا

 

حكاية ثورة-1

  مش مصدقة ان سنة عدت! انا فاكرة اليوم ده كويس. كنت في الهند باشتغل هناك في مركز كشفي دولي وكنت مترقبة، مش حاكدب واقول اني كنت متأكدة انها حاتبقى ثورة! لأ حاكون صريحة كنت حاسة انها حاتكون زي كل المظاهرات اللي كنت باشترك فيها من 2007، مجرد وقفة احتجاجية تطلع الغضب اللي جوانا واحنا وحظنا! لكن المصريين كدبوا ظني الحمد لله. كنت ساعتها بافتكر 18 و19  يناير  77 وبادعي ربنا انه يبقى على الأقل يكون في عشره! وفاكرة اني كتبت نوت باقول فيها ليه المصريين ما يعيدوش اليومين اللي كانوا في نظري من اعظم الأيام التي شهدها تاريخ مصر الحديث، وكان نفسي نبقى زي تونس بس هرونا بقى مصر مش تونس مصر مش تونس! لن استطيع ان اصف ما شعرت به وانا ارى اعداد المصريين الغفيرة في المظاهرات، مع اصدقائي من كندا وامريكا على شاشة التليفزيون على السي ان ان، شعرت بفخر لم اشعر به من قبل، شعرت اني لأول مرة اريد ان اخبر الجميع انني مصرية، نعم انا مصرية!

لم ازح عيني من امام شاشة التليفزيون وتحديدا شاشة السي ان ان والبي بي سي نظرا لأن القمر الصناعي لا يستقبل القنوات العربية، لدرجة اني تركت سريري ونمت على الكنبة امام التليفزيون في غرفة الجلوس من 25 وحتى 30 يناير. وفي نفس الوقت كنت اتابع على اللاب توب الخاص بي قنوات الجزيرة والعربية للبث المباشر! بكاء لم ابكه من قبل! شعور بالغربة وبالوحشة وبالخجل انني لست مع شركائي في هذا الوطن مع المصريين الرائعين! شعور بالندم انني سافرت في الوقت الخطأ! اتذكر كلمة قلتها وانا اشاهد جموع المصريين في المظاهرات قلت بالانجليزية لجوان زميلتي المتطوعة من كندا: دول مصريين عاديين!!!

these are normal egyptians!!!!

سألتني باستغراب: يعني ايه عاديين؟ رددت عليها: دول مش النشطاء اللي بيتجمعوا كل مظاهرة على سلم النقابة وبيضربوا ويتكردنوا ويمشوا! وفاكرة ان على الشاشة ظهر مشهد راجل كبير في ستينياته وامرأة محجبة عادية جدا ويهتفون الشعب يريد اسقاط النظام ويسقط يسقط حسني مبارك!! اتذكر انني جلست مكاني على الأرض ابكي بصوت عالي بدموع غزيرة واقول عايزة اكون هناك! عايزة اكون في مصر! كرهت السفر والمسافات واكتشاف الذات واثباتها والاعتماد على النفس والاستقلالية وكل هذا الكلام الذي يتلاشى امام الحقيقة الوحيدة الرائعة! حقيقة ان مصر استيقظت ولن تنام ... المارد لن ينام!

اتذكر انني كنت اتصل بزملائي من الناشطين الذين زاملتهم في حزب الجبهة الديمقراطية من سنة 2007 وحتى حدوث الثورة، واكتشفت اختفاء بعضهم في مساء 25 يناير! شعرت بالعجز وانا انتظر المعلومات الجديدة على بروفايلات اصدقائي وعلى رصد وموقع الدستور!  واتذكر انني تحدثت مع احدهم، عمرو صلاح واحمد عيد، وكان الجميع في التحرير يغني بلادي بلادي، بكيت مرة اخرى!

 

اتذكر ان جوان صديقتي، والتي افتقدها كثيرا بالمناسبة، كانت تريدني ان اتناول غذائي بالعافية، اتذكر انني كنت لا استطيع تناول الطعام. كانت اصعب ايام مرت علي على الاطلاق!

يتبع...


مشيرة صالح
الخميس 26 يناير 2012

ويوم ما ابطل اشجع، حاكون ميت اكيد

صحابي لما بيحبوا يهزروا معايا، بيقولوا لي: "ايه اللي رجعك مصر؟". كنا بنضحك دايما وعمري ما رديت على السؤال ده، كنت باضحك على السؤال وخلاص. لكني كنت دايما مستنياني اشوف امتى حسأل نفسي السؤال ده او على الأقل اوافق محدثي او محدثتي على طرحه من الأساس او مشاركتهم الندم على الرجوع! صراحة تخيلت اني عمري ما حاقولها. آه والله قلت اكيد مش حاقولها..... قلتها النهارده!!! قلت النهارده يا ريتني ما رجعت.

القشة التي قسمت ظهر البعير هي قتلى الأهلي الذين نحتسبهم عند الله شهداء باذنه.  نعم! انا اساسا مش اهلاوية، بالنسبة لي الأهلي هو الحزب الوطني بتاع الرياضة، ده بالاضافة الى ان السيكولوجية بتاعتي مش بتحب المنتصر دائما على طول الخط، ما باحبوش، مش باتعاطف معاه، وعشان كده انا زملكاوية وما باحبش شتايمهم للعيبة. لكن انا في السنوات الأخيرة بقيت مش عارفة افهم النادي الأهلي ولا عارفة افهم سيكولوجية الناس اللي بتشجعه! بالنسبة لي فين العظمة لما تكون انت الطرف الوحيد اللي عنده قدرات ومواهب والأهم فلوس تخليه يقدر يشتري المزيد من القدرات والمواهب فبالتالي بتعرف تكسب كووووول الناس اللي بتلاعبهم، وفين نشوة الانتصار اللي بيحسها الألتراس. كانوا الألتراس بالنسبة لي كيان غريب ومش فاهماه، لكن ابتديت اتعرف عليهم بعد الثورة بعد ما شفت الدور اللي لعبوه فيها وبعد ما حسيت بطعم المظاهرة او المسيرة او الوقفة اللي بيتغير وبيتقلب رأسا على عقب اول ما بيظهروا وسطينا. بيقلبوا كل حاجة 180 درجة بوجودهم، سواء في اسكندرية او في التحرير. ولازم الابتسامة تفضل على وشي طول ما هما بيغنوا وبيهتفوا. بيخلقوا حالة كده مش عارفة اوصفها.  لكن برضه ما كنتش باحب حالة الفتونة اللي بيمارسوها على الأندية الأخرى، انا برضه بطبعي مش باحب الاستعلاء واستعراض القوة

فجأة حدثت المجزرة. مذبحة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. يوم 1 فبراير 2012، قبل يوم من ذكرى موقعة الجمل الشهيرة التي اقتحم فيها ابناء مبارك من الغشم والهمج ميدان التحرير اثناء الثورة بالجمال والحمير في محاولة خايبة لتكسير العظام. كانت القوى السياسية في الاسكندرية بتحضر للاحتفال بذكرى موقعة الجمل! لم اتصور اننا في ذكراها سنكون نقدم واجب العزاء في أحد أعضاء ألتراس الأهلي في الاسكندرية (محمود الغندور) اثر مذبحة استاد المصري ببورسعيد بعد المبارة بين النادي الأهلي والنادي المصري.

لحظتها وقعت في غرامهم ووقعت في دوامة حزن والم لا تنتهي ولم تحدث لي من قبل منذ اول الثورة. اصبحت مهووسة بهم وبقيت بابحث في الانترنت عن أي حاجة خاصة بيهم، فيديوهات و تسجيلات لأغانيهم، كلماتها. دخلت على الجروب بتاعهم وبقيت باتابع كل اللي بيكتبوه وكانوا بيكتبوه على الوول، خاصة أثناء المذبحة. طريقتهم في التعامل مع بعض، تنظيمهم العبقري، شتايمهم اللي بيستخدموها بدون أي ضوابط، اخلاقياتهم – ايوة ليهم اخلاقيات اخلاقيات للرابطة– قواعدهم، ايوة ليهم قواعد. (منها مثلا انهم ما يظهروش في الاعلام لأن الاعلام في رأيهم -وهو صحيح مائة بالمائة في رأيي انا- بيخلق هالة حول من يظهر به ويخلق منه بطل ومن ثم يمكن ان يخلق مشاكل بين الأعضاء مما قد يعرض هذا الكيان للخطر. لا استوعبهم! في بيئة افسدت روح المصريين وجعلتهم يتكالبوا على الظهور في الاعلام او التنافس على أي مناصب من أي نوع في أي كيان حتى ولو كان ديكوري هش، يأتي هؤلاء الأبطال ليلقنوا الجميع درسا في الايثار وتفضيل مصلحة الكيان على الفرد والايجو الخاص به) قريت ليهم كلمة على الفيسبوك بتقول الآتي: " ﻓﺮﺩ ﺍﻻﻭﻟﺘﺮﺍ ﻣﻌﺮﺽ ﺍﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮﻟﻴﺠﺎﻧﺰ ﻟﻠﺪﻓﺎﻉ..ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﺟﻞ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ.. ﺍﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﻓﺮﺩ ﺍﻻﻭﻟﺘﺮﺍ ﺑﺎﻟﻤﻬﺎﺟﻤﻪ.. ﺍﺻﺑحت ﻋﻘﻠﻴﺘﻪ ﺍﺩﻧﻰ ﻣﻦ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺮﺩ ﺍﻭﻟﺘﺮﺍ". شايفين الحكمة؟ والأهم فاهمينها؟ حسيت اني دخلت في عالم غريب. عالم لم اعتده من قبل، والأهم اني لم اكن افهمه.

ادمنت مشاهدة كل فيديوهاتهم اللي بيقولوا فيها هتافاتهم ايام الثورة وبعدها، وفيديهات تشجيعهم في الاستاد، طريقتهم الغير تقليدية في التشجيع، ابتكارهم، عملهم الدءوب، عقيدتهم وهي حب النادي الأهلي، نادي "الوطنية". وتعجبت كثيرا من ان كل اغانيهم تتمحور حول عشقهم الشديد للأهلي وازاي ان حياتهم ممكن يدفعوها فداء ليه وان ده مش كفاية، و انه من رابع المستحيلات انهم يبطلوا يشجعوا ناديهم العظيم "اعظم نادي في الكون" على حد وصفهم لأن الموت هو الشئ الوحيد الذي سيوقفهم عن التشجيع لأنه على حد قولهم في احدى أغانيهم "ويوم ما ابطل اشجع، حاكون ميت اكيد". وكنت اعترها ... مبالغة.

لقيت نفسي دخلت العالم السحري للألتراس، هذا الكيان المنظم الذي له عقيدة وهدف والأعجب انهم يجمعهم روح العمل الجماعي، لأ والأدهى ان ليهم قيادات كمان مش بتحب تبقى قيادات!!!

عشرات من شباب الألتراس حكت وما زالت ستحكي عن تلك الليلة التي لن تنساها مصر قط - ارجو ألا تنساها كما نست قصر ثقافة بني سويف المحرقة، قطار الصعيد، عبارة الموت وغيرها من المآسي التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة- سيستمر الشباب في الحكي عن بطولات وآلام ومآسي كلما أستمع اليها تتكشف لي روعة هؤلاء الشباب الذين لم نعط لهم وقتا ولا فرصة لكي نفهمهم، لكي نجلهم، لكي نتيقن انهم افضل ما فينا.. بل انبل ما فينا، الذين كما قال البعض، يؤمنون بالموت اكثر مما يؤمن الكثير منا بالحياة.

على فكرة بالنسبة لي ليس موتهم هو ما وضعني في هذه الحالة من الحزن والاكتئاب والاحساس بالذنب لمجرد انني حية ارزق حتى الآن وهم من هم ماتوا وقتلوا! ما صدمني وألقاني في هذا البئر الذي لا استطيع الخروج منه هو طريقة موتهم. لا استطيع ان اوقف رأسي من التفكير ولا استطيع ان اوقف خيالي من تصور اللحظات الأخيرة. هي تلك اللحظات الأخيرة التي تصيبني باختناق وبنوبة بكاء لا تتوقف عندما أتذكر هؤلاء الشباب والأطفال، الذين كثير منهم، اتصلوا بأمهاتهم اثناء المذبحة ليستنجدوا بهن! واحد منهم اتصل بأمه ليقول لها: "يا ماما بيقتلوا صحابي، انا خايف يا ماما بيرمونا من فوق المدرجات انا خايف"!!! أحد شهود العيان من أهالي بورسعيد (وفقا لفيديوهات رصدتها المبادرة المصرية لحقوق الانسان بقيادة النبيل حسام بهجت) قال ان أحد الضحايا كان ينادي أمه قبل ان يلفظ انفاسه الأخيرة. يوم المذبحة وأثناء حدوثها، وعلى قناة الأهلي في بث مباشر للمباراة كان يقدمه كابتن نادر السيد البطل الثوري، اتصلت أم احد الألتراس واسمه على ما اتذكر احمد محمد كامل، تستنجد بالكابتن نادر وتصرخ وتبكي بكا مر، وتقول له كيف انها وثقت في التصريحات التي سبقت المباراة وحسب قولها انهم ضحكوا عليهم وقالولهم ان المباراة حاتكون متأمنة. كابتن نادر حصلتله شبه حالة هستيريا وكل من بالاستديو انخرط في البكاء، كابتن ده اسماعيل وعصام عبد المنعم و كابتن نادر نفسه انهار في البكاء.

تلك المجموعة النبيلة التي حمت الثورة بالفعل ولم تنطق او تمن على القوى الثورية وعلى الثورة والمصريين مثل المجلس الأعلى وحليفه وطفله المدلل الاخوان. نعم حمت الثورة ولها عليها افضال ولها في ذمتها شهداء عدة منذ اندلاع الثورة وحتى يومنا هذا، وفي رأيي الشخصي، لأيام كثيرة قادمة حتى تنتصر الثورة.

اعتقد ان الثورات تحتاج لدماء تحييها وتبقى شعلتها تذكرها دائما بهدفها اذا حادت عن الطريق او حاول البعض – عن عمد - ان يطمس علامات الطريق من تحت اقدامها. اعتقد ان الثورة المصرية كانت وما زالت تدفع ثمن الحرية الذي ستنتزعها يوما ما. تلك الدماء، دماء المصريين الزكية الطاهرة، أتت وستأتي من الألتراس تحديدا، وغيرهم بالتأكيد.  لكن الألتراس سيكون لهم نصيب الأسد في تلك الدماء - لا اعلم أهو للأسف أم لاصطفاء الله عز وجل لهم – أقول ان الألتراس سيضحوا عشان احنا نعيش.

لسه سامعة ألتراس بيحكوا عن صديق لهم، أقل ما يوصف به أنه بطل، يوسف – كما حكوا عنه مع يسري فودة على قناة اون تي في – ذهب للحمام قبل انتهاء الماتش بعشر دقائق، رجع وجد المذبحة قد بدأت، جرى للضابط لكي يستجديه ويستعطفه ليفتح بوابة الاستاد التي حوصر فيها اصدقاؤه من ألتراس الأهلي، بكل عنجهية رفض الضابط ان يفتح البوابة. وعندما لم يستجب جرى يوسف، الله يرحمه ويصبر أهله، والتقط طوبة من الأرض لكي يكسر قفل البوابة الحديدية، وعندما اوشك على كسر القفل، تهاوت البوابة فجأة من التدافع. نعم... سقطت البوابة بعشرات شباب الألتراس المختنقين على ... يوسف. سقط شهيدا في الحال

مشيرة صالح 7 فبراير 2012
بعد مذبحة ألتراس الأهلي في بورسعيد على خلفية مباراتهم مع النادي المصري البورسعيدي

http://www.youtube.com/watch?v=8zZf0fTtnNg

هذه اللوحة فازت حسب ما سمعت بثالث افضل خلفية قام بها التراس في العالم وهي لوجو الفريق ومكتوب على الأطراف حلق وطير بحرية يا نسر نادي الوطنية

 

يوم مع تيكا

 

تيكا هو الاسم الحركي لمحمد ابن اخويا، وتيكا هو اسم الدلع المعتمد عندنا في البيت لأي شخص دون الثمانية عشر ربيعا. تيكا في الأصل تم تحريفه من كلمة "بتيكا" بفتح الباء وتشديد التاء اللي هي اساسا اتحرفت من كلمة "باتيسا" –مع استمرار تشديد التاء- اللي ماما بتستعملها "لتدليع" أي طفل رضيع في العائلة.

انا علاقتي مع الأطفال دائما بتبدأ تتوطد بدءا من سن الثلاثة او أربعة أعوام نظرا لأسباب كثثيرة لا داعي لذكرها الآن، علاقتي ببنات أخويا نوران ويمنى قوية والحمد لله، لكن مع محمد الموضوع اختلف. هو مرتبط جدا بأبويا وبيحبه اوي. الاتنين علاقتهم ببعض جميلة اوي زي اي جد وأي حفيد.  هو كمان راجل صغنن، مش بيحب التعبير عن المشاعر، يعني مش بيحب اني ابوسه او احضنه وانا باحترم ده جدا. ده طبعا غير ان علاقتنا متوترة بعض الشئ، يعني مافيهاش نفس الحميمية بتاعة علاقتي مع اخواته البنات، بس كان دايما في لحظات مضيئة، خصوصا لما كنت باجي من السفر وجايبة له من كل بلد زرتها عربية صغيرة حيث أنه يعشق العربات شأنه في هذا شأن كل الأولاد في سنه.

المهم احنا كل يوم اربع بنروح نتغدى انا وبابا وماما عند اخويا، محمد فتحلي الباب النهارده وراح واخدني بالحضن وباسني... بداية موفقة. قلت يا مسهل!

دخلت حطيت شنطتي ولقيته بيناديني: "مشيرة ... تعالي عايذ اوريلك حاجة" (طبعا الجملة دي زمان كانت تنطق كالتالي: "مثيية.. تعاييي عايذ اوييييك حاجة" حيث أنه كان هناك لدغة شديدة في حروف الراء واللام والشين، اشتغلنا على الحروف كلها والحمد لله حصل تحسن، فاضل الذال). راح حاطط ايده الصغننة في ايديا وشدني ناحية المطبخ!  اتجهنا نحو التلاجة، اتاريه رتب كل العاب المغناطيس الصغيرة (التي يتم لصقها على ابواب الثلاجة) بشكل معين. كانت عبارة عن حروف وارقام. عجبني تنظيمه جدا ولفت نظري ان كان في كمان علامات الجمع والطرح والقسمة الخ... فقلتله: طيب ايه رأيك نلعب لعبة؟ قاللي: ايه؟ قلتله: قوللي كل رقم بالعربي وبالانجليزي. قالهم. قلتله طيب بقى استنى. رحت عاملة له عمليات حسابية صغيرة، 4-1=3 أو 2+6=8 وهكذا.  عجبته اللعبة اوي. طبعا كل اللعب ده وهو في الوضعية المفضلة لديه، ألا وهي انه يسند ظهره على حائط المطبخ بين الثلاجة والدولاب ويتسلق بكلتي رجليه كلا من الثلاجة والدولاب ويفضل واقف ما بينهما وساند ومتكئا عليهما بذراعيه الصغيرتين.  خلصنا كل الاحتمالات الممكنة ولقيته بيقولي يالا نلعب حاجة تانية. رحنا خارجين من المطبخ، ومسك جهازه المفضل: الآي باد وقرر يلعبني معاه لعبته المفضلة، اللي هي تطلعلنا صورة وقائمة بأشياء مستخبية داخل الصورة يجب ايجادها في وقت محدد، منها تقوي قدرته على الملاحظة وبرضه تقوي اللغة لأن الأشياء مكتوبة بالانجليزي والحق يتقال كان في كذا كلمة انا ما كنتش عارفاهم بس هو كان بيشرحهملي. طبعا هو خبرة في اللعبة لأنه لعبها كذا مرة، وكنا كل ما بنخلص دور كنت انا وهو بنعمل هاي فايف بحماس ومعيلة شديدتين و لما كنت باعرف اطلع حاجات لوحدي، كان يطبطب عليا ويقولي "برافو" ... كنت بافرح اوي

كملنا لعب وبعدين اتغدينا، وبعدها سبته ودخلت اقرا صفحة المعصرة في جريدة الشروق، لقيته جاي يقعد جنبي عالسرير وجايب قصة لطيفة بيوريهالي. اتفرجت عليها ثم فوجئت به يحاول ان يقرأها. هو عنده خمس سنوات وفي كي جي تو. فلسه بيتعلم يقرا كلمات و حروف مشبكة مع بعض.

كانت لحظة خاصة جدا، لحظتي انا وهو سوا مع بعض لوحدنا. هو بيقرا ومصر انه يقرا الكلمات جنب بعض وعايزني اصححله، وحسيت اد ايه هو مطمنلي وواثق فيا انه بيأتمني على هذه اللحظة وتلك المحاولات، لأنه عنده عزة نفس رهيبة ومش بيحب يغلط امام اي شخص (اكيد طالعلي في دي).  مهما حاولت اوصف تلك اللحظة عمري ما حاعرف اوصل احساسي بالزهو والفخر والحب ورغبتي في ان احميه. حسيت ساعتها انه يا ريت كل حاجة في الدنيا يقدر يعملها وهو قاعد في حضني من غير ما يبعد عني، ومن باب أولى حضن باباه ومامته طبعا.  نفسي يتعلم كل حاجة وهو هنا في حضننا من غير ما حد يجرحه او يهينه او يضايقه. نفسي يفضل صفحة بيضا ما تلوثهاش أي خدشة.

كملنا قراية وبعدين حكى لي شوية حكايات تضحك (من وجهة نظره طبعا) تتمحور كلها حول مواقفه الكوميدية وردوده خفيفة الدم (في نظره برضه) مع وعلى اخواته. نزلت عليا موجة حنية وهو يحكي وانا احضنه وابوسه.

حسيت اد ايه هو رقيق وطيب وطفل جميل ووديع

واحنا نازلين من عندهم وأثناء انهماكه في اللعب بعربياته، سألت مامته، هو محمد ما عندوش امتحانات آخر السنة؟ وأثناء نطقها للاجابة بأنه لأ ماعندوش، لقيت صوته جاي من بعييييييد من تحت ترابيزة السفرة: "أناااا اثاثااان في كي جي تووو، ما عنديش امتحانااات"!

روحت وانا حاسة اني بدأت صفحة جديدة مع ابن أخويا، وان صداقتنا بدأت من اليوم.

مشيرة صالح
الأربعاء 18 ابريل 2012


تيكا منهمك في قراءة الحروف المشبكة. ياخواتي

 

انطباعاتي الأولية عن مبادرة انشاء حزب الثورة بزعامة البرادعي


اعلم اننا جميعا فرحنا وتحمسنا جدا لخبر تأسيس حزب جديد يضم كل من شارك في الثورة بزعامة الدكتور محمد البرادعي.  وبالرغم من ان البعض يسيطر على تفكيره خاطر وحيد ألا وهو تأخر تلك الخطوة لمدة عام كامل، الا أنني اشفق دائما على من يحمل على عاتقه تنفيذ تلك الفكرة، نظرا لما يتطلبه تأسيس حزب ناشئ في مصر من مطالب غير واقعية ولا تتناسب على الاطلاق مع المرحلة الجديدة التي كنا نمر بها بعد لحظة التنحي يوم 11 فبراير 2011. لكن بما اننا لسنا صناع قرار في وطننا (حتى الآن) لذلك فنحن مجبرون على اتباع تلك القوانين الهزلية والقيام بتلك الخطوات السخيفة من جمع توكيلات والحصول على موافقة لجنة شئون الأحزاب و الاعلان في الجريدة الرسمية وجرائد أخرى (مع وضع ما تتكلفه تلك الاعلانات من مبالغ طائلة في الاعتبار) 

لكن ما يقلقني صراحة - وأستطيع أن أدعي أنني لدي فكرة عن تأسيس الأحزاب حيث أنني عاصرت تأسيس حزبين، حزب الجبهة عام 2007 وحزب المصريين الأحرار عام  2011 - ما يقلقني هو ان هذا الحزب الجديد كعادة كل حزب ناشئ سيضم كما من المنتفعين والانتهازيين ومثيري المشاكل من أحزاب أخرى بالاضافة "للعبدوهات مشتاق" الذي تفوق طموحاتهم قدراتهم ومقوماتهم المتواضعة.  هذا بالاضافة الى ان هذا الحزب مما قرأت سيحتوي على شخصيات تنتمي لاتجاهات سياسية مختلفة مما سيجعله يظهر بمظهر السمك لبن تمر هندي. كنت افضل وكان هذا رأيي الذي ناقشته مع صديقي عمرو صلاح (عمرو من ائتلاف شباب الثورة و أحد أعضاء حزب الجبهة السابقين ومن الشباب المخلص بحق) بعد 11 فبراير بوقت قصير جدا، كنت في وقتها من أشد المؤيدين لفكرة تجميع القوى المدنية تحت لواء واحد سواء كان حزبا ننضم اليه جميعا، واقترحت وقتها ان يكون هذا الحزب هو حزب الجبهة الديمقراطية نظرا لأنه كان من الأحزاب المحترمة لكن من الواضح ان هذا الاقتراح لم يكن عمليا خاصة في خضم "هوجة" تأسيس الأحزاب الجديدة التي كلها تتشارك بل تكاد تتطابق في مبادئها واهدافها وبرامجها باستثناء بعض التفصيلات الطفيفة. او يكون تجمع القوى المدنية هذه في شكل مجلس أمناء للثورة او مجلس قيادة الثورة أيا كان المسمى ويضم فيه كل الأسماء التي نحترمها ونعتبرها آباء روحيين لثورتنا حيث أن كلماتهم ومواقفهم على مدار السنين الأخيرة الماضية كانت بمثابة شرارة البدء لثورة 25 يناير العظيمة

من الواضح بالطبع اننا لم نستطع تحقيق أيا من السيناريوهين المقترحين وبالتالي امتلأت الساحة بأحزاب كثيرة لا تشكل أي قوة امام المحلس العسكري ولا تمثل منافسا شرسا امام تيار الاسلام السياسي كما أنها لا تعبر عن المواطن المصري بشكل حقيقي وواقعي. لكن لو تم تأسيس هذا الحزب الجديد الذي تنعقد عليه آمال الكثيرين فيجب ان يكون هناك آليات واضحة للتنظيم وأهداف محددة لهذا الحزب لكيلا يقع مؤسسوه في نفس الأخطاء التي وقع فيها الآخرون (ونحن منهم) ولكي يبدأوا من حيث انتهينا نحن

لذلك لا اعلم حقيقة هل تأسيس حزب في هذه اللحظة الفارقة وبزعامة البرادعي هي خطوة جيدة وصحيحة أم لا في هذا التوقيت تحديدا أترك لكم يا أصدقائي الاجابة على هذا السؤال ولنتناقش بصورة موضوعية أكثر. مع العلم أنني أرى أننا تأخرنا كثيرا في  تشكيل جبهة تتحدث باسم الثورة 

مشيرة صالح
السبت 21 ابريل 2012

 

هوامش على دفتر انتخابات الرئاسة

  عتقد أننا بحاجة لتقييم الموقف والنظر اليه بموضوعية في ضوء كل ما حدثا ويحدث الآن. أنا هنا أسجل بعض خواطري وملاحظاتي على المشهد الحالي الذي به قدر كبير من المفاجأة لا يساويها الا العبثية التي تغلب عليه! خواطري هذه قد تحتمل الصواب او الخطأ، أرجو أن نناقشها بموضوعية في ضوء المستجدات كما انني لا استطيع الجزم بشئ حتى يتم اعلان نتيجة آخر استمارة في آخر صندوق فرز في آخر محافظة في الجمهورية يوم الأحد او الثلاثاء حينها وحينها فقط سأقرأ المشهد بصورة مفصلة وواقعية أكثر. لكنني هنا اعرض تكهناتي وتحليلي المبدأي بناءا على تلك المؤشرات الأولية. الآن تلك المؤشرات تظهر حتى الآن تقدم شفيق ومرسي ودخولهم جولة الاعادة.

مبدأيا كلنا نعلم بأن شفيق "ماريونيت" المجلس العسكري، يخرجونه وقتما يريدون ويخفونه وقتما يريدون. فوقت تقديم المرشحين لأوراقهم امام لجنة الانتخابات خرج علينا مجلس الشعب بقانون العزل الذي نجح في استبعاد عمر سليمان وحدث لغط حول شفيق وبالفعل تم استبعاده ثم أعيد للسباق مرة أخرى. أضف الى ذلك كم البلاغات المقدمة ضده والتي تم تجاهلها عن عمد، وما يحدث له في مؤتمراته من هجوم واهانات تصل لحد رشقه بالأحذية بطريقة مهينة تتنافى مع مدى سيطرة حملته وحرصها على الدفاع عنه وحمايته. أقارن هنا أيضا موقفه بموقف عمر سليمان. هذا الرجل قدم أوراقه ثم خرج بهدوء من المشهد -سواء كان هذا برغبته او بإيعاز من المخابرات او المجلس العسكري لكي يخرج معه الاثنين الكبار خيرت الشاطر وحازم ابو اسماعيل- ثم انزوى تماما بعيدا عن دائرة الضوء. لكن شفيق ما زال وسيظل مستمرا في المشهد، يحدث الكثير من الضوضاء، سواء من تصريحات غير مسئولة، ملاسنات وتهديد ووعيد لرموز الثورة، الأهم من كل هذا أن شفيق عنده استعداد غريب لتقبل الاهانة بشكل مبالغ فيه والاصرار على الاستمرار في سباق الرئاسة بالرغم من كل هذا! فهو "مسنود" من المجلس العسكري اما لقوته بالفعل او لأنه "ماريونيت" يحركونها كيفما شاءوا!

لا يجب أن ننكر هنا أن هناك بالفعل ناخبين أعطوا أصواتهم لشفيق. من هم هؤلاء؟ أعتقد أنهم مصريين من طبقة رجال الأعمال و تابعيهم والبعض من الطبقة المتوسطة العليا الذين ملوا من الثورة وحالة الضبابية الشديدة التي بالتأكيد أثرت على أعمالهم وحرياتهم فوجدوا لدي رسائل شفيق الواضحة التي تصور لهم كيفية الهرب من هذا الفخ الذي وقعوا فيه في 25 يناير 2011 تطمينا ما. نضيف لهؤلاء بعض المسيحيين (من بعض المدن والصعيد) بالاضافة لفلول الحزب الوطني من الدلتا والصعيد.

لدي ملحوظة بسيطة فيما يخص الاتهام الذي يوجهه البعض للمسيحيين تحت دعوى أن اصواتهم هي التي اوصلت شفيق للجولة الثانية للاعادة. أنا لا ارى هذا الاتهام في محله نظرا للعدد الكبير الذي صوت لشفيق مما يتنافى مع تقدير أعداد المسيحيين في الواقع. كما أنهم لم يتم توجيههم من الكنيسة كما يدعي البعض. فأنا لدي خبرة سابقة في انتخابات مجلس الشعب ورأيت طريقة عمل لجان المواطنة بها والتي يشرف عليها قيادات كنسية مدنية سواء من الكبار او من الشباب الواعي الذين يقومون بتقييم كل مرشح وبالفعل يقررون لمن سيصوتون ويكون ذلك في صورة توصيات وليس أوامر من القساوسة البعيدون تماما عن تلك المنظومة، اذن لا مجال هنا لتشبيه دورهم بدور رجال الدين المسلمين الذين يدعون المسلمين لانتخاب شخص بعينه اعمالا لمبدأ الترغيب والترهيب فهم يعطون المصريين المسلمين وعدا بدخول الجنة ويرهبونهم بجهنم وبئس المصير في حالة تصويتهم لمرشح آخر لا سمح الله! وبناءا على ما تم تداوله داخل الكنيسة، فإن أصوات المسيحيين انقسمت الى قطاعين رئيسيين: الشباب وكبار السن. الشباب توجهوا جميعهم لصالح التصويت لحمدين صباحي والكبار تفتت أصواتهم بين عمرو موسى وأحمد شفيق وهو بالتأكيد صب في مصلحة حمدين وليس شفيق حيث أن الشباب يمثلون القطاع الأكبر والفاعل داخل الكنيسة.

أما الأغلبية الساحقة التي صوتت له من الدلتا والصعيد، فهم تحديدا متمركزون في معاقل قيادات فلول الحزب الوطني (المنوفية كمثال) الذين ليسوا بالضرورة يحتاجون لشراء اصوات، هؤلاء يوجهون قرى ومدنا بأكملها، لأنهم من كبار العائلات وأعمدتها الذين يتحكمون في أصوات مناصريهم. لكن من أين أتت بقية أصوات شفيق؟ هل احتمال المجندين الذين قاموا باستخراج بطاقات رقم قومي جديدة تتيح لهم التصويت احتمال صحيح؟ هو وارد بالطبع لكن يجب اثباته، خاصة أننا جميعا نشم رائحة المخابرات في تلك المسألة بل والطريقة المريبة التي تم بها تداول ذلك الاحتمال عبر قصة غير معلوم مصدرها على الفيسبوك! لا اصدق ان تداول تلك القصة الوهمية كان لتحذيرنا لكنه لتوجيهنا ناحية سيناريو معين لنتصرف على أساسه.

الموقف الآن اننا بين المطرقة والسندان: نار شفيق وجهنم الاخوان. من الواضح ان المجلس العسكري دفع بشفيق لسباق الرئاسة لتقديم وجه من بقايا النظام يواجه فزاعة الاخوان لكي ينتخبه جموع الشعب للهرب من الاخوان الذين خسروا ثقة الشعب المصري. دليلي على أن الاخوان خسروا أرضية كبيرة لهم في الشارع ملاحظتان: رقم واحد: عدد الأصوات التي حصدها مرسي والتي تظهر ان تنظيم الاخوان لم ينجح في الحشد كما فعل أثناء الانتخابات البرلمانية. رقم اثنان: ان الاخوان هزموا هزيمة نكراء في الاسكندرية احدى أهم معاقلهم على مستوى الجمهورية حيث نجح حمدين باكتساح منقطع النظير. ظاهرة اكتساح حمدين اظهرت ان المصريين يحتاجون لزعيم يشبههم يؤكد لهم ان مطالبهم البسيطة تأتي على قمة أولوياته. فكل من شارك في دعم حمدين أعطى مثالا حيا في الثبات على المبدأ في وقت كان فيه الجميع يروج لفكرة أن اعطاء صوتك لحمدين هو تفتيت للأصوات، بالرغم من ان النتائج اظهرت ان اعطاء الصوت لأبو الفتوح –مع احترامي التام وتقديري له- هو ما فتت الأصوات بعد تقدم حمدين عليه في كثير من المحافظات. سأكتب لاحقا عن فكرة ما تراودني لاستثمار نجاح حمدين صباحي في الاسكندرية وما يمثله من رمزية لنجاح مبهر للثورة يرجع لأن حمدين صباحي قام بتجسيد أهداف ثورة 25 يناير التي تمثلت في شعارها العبقري عيش – حرية –عدالة اجتماعية وترجمتها لبرنامج محدد ومبسط ألقاه على جموع المصريين في مؤتمراته وفي لقاءاته التليفزيونية فوجد صدى كبيرا لديهم ترجم هو بدوره لأصوات حسبت له في صندوق الانتخابات. يجب أن أعترف هنا بأن هذا النجاح أظهر فشلنا نحن كثوار في كسب تأييد وتعاطف أغلبية المصريين وضمهم لصف الثورة عندما ابتعدنا عنهم وعن احلامهم البسيطة وأصبح كل هدفنا هو التخلص من المجلس العسكري والاخوان بمجرد الدعوة للمسيرات والمظاهرات والاعتصامات التي لم تلق الدعوة اليها رواجا لدي قطاع كبير من الشعب المصري.

طبعا لا احتاج أن اذكركم بنقطتين في غاية الأهمية هما السبب الرئيسي في الموقف السئ الذي نواجهه الآن: -

1-      تقديم الاخوان لمرشحهم بالرغم من وعدهم لكافة القوى الوطنية أثناء وبعد الثورة بأنهم لن يرشحوا احد قياداتهم للرئاسة

2-      عدم اتحاد وتوافق مرشحي الثورة حول مرشح واحد على عكس رغبة مؤيديهم الذين ألحوا عليهم حتى قبل الانتخابات بيوم واحد

لكن من الواضح ان المجلس العسكري يريدنا أن نلجأ لشفيق كمهرب من نار الاخوان، أي أنه وضعنا في حالة رعب من الاخوان (لاحظ هنا تكرار نفس سيناريو أنا أو الفوضى للمخلوع) فنحتشد للتصويت لشفيق. لكن ماذا يحدث لو أن المعادلة اختلت؟ ماذا سيحدث لو أن المصريين سيقومون بالتصويت لمرسي هربا من شفيق؟ خاصة ان القوى الوطنية تعلمت الدرس وتريد أن تضغط على الاخوان (الذين بالمناسبة لا اثق فيهم بالمرة ولا أتوسم فيهم خيرا) للحصول على تطمينات وتأكيدات بأن يحدث تحالف أو تعاون مع حمدين وابو الفتوح مع وعد واضح مكتوب بضمانات محددة تمنع الاخوان من التراجع عن وعودهم كعادتهم وبالتالي يعطيهم الشعب أصواته، وانا اشك في ذلك حيث أن الاخوان لن يتنازلوا بسهولة عما وصلوا اليه من مكاسب . هل ستقوم القوى السياسية بالحصول على ضمانات من الاخوان فيما يخص اللجنة التأسيسية للدستور؟

طبعا هناك سيناريو خيالي في غاية الرومانسية والسذاجة يدفع بانه اذا كان الاخوان يريدون مصلحة الوطن بالفعل فلينسحب مرسي من سباق الرئاسة لكي تكون الاعادة بين حمدين وشفيق ونتكتل كقوى وطنية امام شفيق بما لا يدع مجالا للمجلس العسكري في التحكم في مقدرات هذا الشعب اكثر من هذا وتزوير ارادته. وهذا السيناريو من رابع المستحيلات بالطبع.

لكنني لدي تصور آخر قد يشوبه بعض الخيال وهو أن المجلس العسكري لم يكن ليعتقد ان المصريين سيصابون بكل هذا الكم من الغضب والاحباط بسبب تقدم شفيق حتى الآن. كما أنهم أغفلوا عنصرا مهما جدا في المعادلة وهو عدم القدرة على التنبؤ برد فعل هذا الشعب الذي لم يدخر أي جهد في مفاجأتنا منذ بداية الثورة المرة تلو المرة: حينا عند التفافه حول الثورة، ثم تصويته لنعم في الاستفتاء، ثم التصويت للاخوان في انتخابات الشعب، ثم عزوفه عن انتخابات الشورى، ثم عزوف معظم قطاعاته عن انتخابات الرئاسة، وفي نفس الوقت تصويت قطاع كبير منهم لحمدين صباحي في مفاجأة قلبت الموازين.

لكن سؤالي هنا هو هل ينجح الاخوان بأن يجمعوا حولهم بقية القوى السياسية الداعية للدولة المدنية والسلفيين وغيرهم في سابقة لم تتكرر في تاريخ الاخوان  بأن يقوموا بتقديم مصلحة الوطن على مصلحتهم الشخصية بتقديم وعود بأن يكون حمدين و-أو أبو الفتوح من ضمن الفريق الرئاسي لمرسي؟

لو حدث هذا، و لو رأى المجلس العسكري وأجهزته أن أغلب المصريين سيذهبون للتصويت لمرسي في جولة الاعادة، هل سيلجأون للتزوير على نطاق واسع؟ لا ننسى هنا انه قد بدأت حملة قوية للدعوة لمقاطعة جولة الاعادة  مع أني اشك في استجابة قطاعات كبيرة من الشعب المصري لها. لكنني متخوفة، حيث أن نسبة التصويت كانت متدنية للغاية في الجولة الأولى – حوالي خمسين في المائة، اذن من المتوقع بل من المؤكد ان نسبة مشاركة المصريين في الجولة الثانية ستكون أقل من الخمسين بالمائة قطعا مما يعطي دلالة بأن اللجوء للتزوير سيكون حتميا، قد يكون صعبا لكنه ليس مستحيلا. خاصة مع -في رأيي الشخصي - وفي ضوء مراقبتي للجان كوكيلة عن حمدين صباحي في منطقة سيدي جابر -42 لجنة فرعية في سيدي جابر وكليوباترا ومصطفى كامل ورشدي وسموحة -مع شفافية العملية الانتخابية على الأقل في الاسكندرية حيث كان الاشراف القضائي في منتهى الدقة واعتقد اننا جميعا لاحظنا ذلك مقارنة بانتخابات مجلس الشعب المؤسفة

أعتقد أننا تأكدنا بما لا يدع مجالا للشك أن أحمد شفيق - بعد كم التصويت الغير متوقع له- هو مرشح المجلس العسكري الذي سيضمن لهم الخروج الآمن ويضمن كذلك العفو عن مبارك وآله وصحبه. يتفق ذلك مع تصور البعض لسيناريو خيالي آخر وهو أن نعطي اصواتنا لشفيق لكي يحقق أهداف المجلس العسكري في مدة الأربع سنوات القادمة ثم نأتي بالمرشح الذي نريده في الدورة القادمة، ولو أنني ارفض هذا التصور بشدة لأن العسكر بعد 60 عام في السلطة لن يتخلوا عنها بالتأكيد.

أطرح هنا سيناريو خيالي لم أستطع أن أمنع نفسي من التفكير فيه! أمن الوارد أن يتغير السيناريو مخافة أن تتكرر موجة أخرى من الثورة أو مخافة أن يصوت المصريون للاخوان على عكس رغبة العسكري؟ هل يقوم النظام بتغيير التكتيك الذي اتبعه و نفاجأ بأن نتيجة الانتخابات تقضي بالاعادة بين حمدين ومرسي في استجابة لرغبة أغلب المصريين؟ وبالتالي يصوت الجميع لحمدين ويكون هو المرشح التوافقي بحق الذي يضمن مدنية الدولة وهدوء الأوضاع لمدة الأربع سنين القادمة مع ملاحظة أننا بالفعل نصوت لرئيس لا تعلم صلاحياته وتحت ظل مجلس عسكري لن يفرط في الحكم بسهولة أو لن يفرط فيه مطلقا! هل سيحدث مثلا أن نفاجأ باتخاذ اجراء ضد شفيق بسبب البلاغات المقدمة ضده، أو أن يعلنوا عن واقعة تزوير مؤكدة يتم استبعاد أصواته بسببها أو أن يتم فجأة اصدار حكم بتطبيق قانون العزل ضده؟

أنا أكتب هذه السطور وأنا أشاهد مؤتمر أحمد شفيق الصحفي الذي يبارك فيه الثورة ويترحم على الشهداء ويتحدث كما لو أنه الراعي الأول للثورة التي قال عنها أنها نجحت "للأسف"، ويغازل كل المرشحين الآخرين لكسب مؤيديهم بالطبع. كما أن هناك أخبار يتم تداولها بان حمدين صباحي قد يرفض التحالف مع الاخوان لرفضه مبدأ الاحتكار السياسي الذي يمارسه تيار مع الاسلام السياسي.

أرى أنه علينا الانتظار الآن لحين معرفة نتائج اجتماع اليوم بين مرشحي الرئاسة وما سيصرح به حمدين صباحي في مؤتمره الصحفي مساء اليوم واعلان النتائج النهائية للانتخابات.

فلنحسن ظننا بالله

ملحوظة: اعتذر اذا وجدتم ما أكتبه غير مترابط او يشوب افكاره بعض التفكك حيث ان الأفكار متلاحقة في راسي وكنت اريد كتابتها بسرعة لكيلا افقدها

مشيرة صالح

السادس والعشرين من مايو 2012

 

خيالي المريض


 
 طيب استكمالا لسيناريوهات خيالي المريض الذي اثبت انه ليس مريضا لكنه منطقي جدا بما يحدث من احداث عبثية ليس لها اي اساس منطقي للأسف، ايه قولكم لو قانون العزل اتطبق يوم الخميس عشان شفيق ابتدى يحرج اللي بالي بالك فيطلع من السباق وكمان يتم الغاء الجولة التانية عقابا وتكديرا للاخوان على عباطتهم وهبالتهم وانانيتهم ونشوف ايه اللي حايحصل!! Rania Mohamed Heida رانيا حبيبتي زيس سيناريو ايز ديديكيتد تو يو هاني
 كان لصديقتي رانيا الفضل في التنبؤ بالواقع المهبب اللي احنا فيه دلوقتي ونحن في انتظار في الجولة الثانية انتخابات الرئاسة، وهي من تنبأت -للأسف- بأن الاعادة ستكون بين الشفيق فريق وبين الاستبن! طبعا لم اكن اتصور على الاطلاق ان هذا السيناريو اللعين سيتحقق! لكن من الواضح ان الخيال اللعين والمريض هو واقرب للواقع المصري المعاش وبعيد كل البعد عن طموحاتنا واحلامنا! 
انا بقى كان رد فعلي تلك الكلمات التي كتبتها يوم 23 مايو 2012:
طب لو فرضنا زي ما صديقة ليا صورلها خيالها المريض ان النهائي حايكون بين الشفيق والاستبن! نعمل ايه ساعتها؟انا شايفة اني اسلم نفسي للمنطقة الشمالية واقولهم الآتي: انا ضفدع بشري مصري وكنت باعمل عملية فدائية في سيدي جابر والأكسجين بتاعي خلص فقلت اجي اريح عندكم!!

ده سيناريو مجنون بيتنبأ بنتيجة الانتخابات والوضع في الاعادة حايكون ازاي، ارجو اضافة سيناريوهاتكم مع توقع المرشحين الذين سيقومون بالاعادة ووقع هذا على النفس وتنبؤ رد الفعل مع ضرورة الحفاظ على الثبات الانفعالي في الأيام السوده اللي احنا بنمر بيها

مشيرة صالح
فجر اليوم الأول لانتخابات الرئاسة
23 مايو
العام 2012

نحن الآن في انتظار حكم المحكمة على مدى دستورية قانون العزل يوم الخميس   القادم وربنا يستر!

ادينا مستنيين

مشيرة صالح
الثلاثاء 12 يونيو 2012