Wednesday, April 30, 2014

كفى

ختمت يومي بالأمس بخبر وفاة باسم صبري، لم يكن صديقا مقربا، لكنه كان صديق لكثير من أصدقائي. كتبت بضعة كلمات تتأمل في وفاة الكثير من الشخصيات الاستثنائية والتي في رأيي تستحق الحياة قائلة:

"قائمة من اريد ان اكون مثلهم - بالرغم من عدم معرفتي بهم عن قرب - وأن أترك اثرا طيبا على تلك الأرض عند مماتي كما فعلوا تطول وتطول. يكفي اسم واحد يا الله. لا داعي للمزيد من الفقد. علي شعث، محمد رمضان، نادين شمس، وأخيرا باسم صبري. لقد كانوا يستحقون وقتا أطول في هذه الحياة اكثر مني يا الله.... كفى."

استيقظت منذ دقائق على رسالة عبر الواتساب تعلمني بخبر وفاة شخصية استثنائية أخرى. صديقة عملت معها في معسكر مصرتوبيا. سيدة في منتهى العذوبة والرقة، متدينة وتخاف الله بشدة. ختمت القرآن منذ شهور. آخر لقاء جمعني بها كان مع رفاق مصرتوبيا منذ شهر تقريبا وأخبرتني أنها تتابع ما اكتبه على الفيسبوك وأنها تحترم كل ما تقرأه لي وانها ترى انني مختلفة وانها ترى انه لا ضير في تأخري في الزواج ما دمت أعيش حياة مليئة بالتفاصيل كالتي أحياها. كانت كلماتها رقيقة جدا وغير جارحة على الاطلاق! كانت تخبرني وقتها بأن ابنتها الجميلة ندى خطبت للتو. وقالت لي أتعرفين؟ لم أكن منشغلة بموضوع زواجها وخطبتها، لأنني كنت لأود ان تكون مثلك حين تكبر. نرمين كانت طباخة ماهرة وكان لها تخصص لا نرى له بديلا في تجمعاتنا القليلة التي جمعتني بها، وهو طبق الممبار التي كانت تطهوه ببراعة والذي كان صديقي كريم محروس يشترط عليها ان تطهوه لنا في تجمعاتنا.

لي صديق عزيز كلما رأى حلما تحقق. هاتفني بالأمس قلقا لأنه رأى لي حلما أخبره فيه بوفاة صديقة لي. وعندما قرأ خبر وفاة باسم صبري، قال لي: "ربما كان الحلم عن باسم صبري؟ لكنك كنت تخبرينني بوفاة صديقة لا صديق!"قلت له لا أعلم! أخبرني اليوم ان الرؤيا التي رآها كانت تحمل اسما يبدأ بحرف النون.

Nermine Elsayed لك مني سلام وتحية ودعوة لك بالثبات ودعوة لأولادك ومحبينك بالصبر، وأمنية بأن ألقاكي يوما ما. لم تكوني صديقتي المقربة يا نرمين لكنني كنت أكن لك معزّة خاصة وتقديرا تستحقينه لكنني لم اظهره بالقدر المطلوب. كنت أعتقد أنني سأراكي في اجتماع مصرتوبيا بعد انتهاء دراستي، لكنني لم يسعفني الوقت.

ملحوظة: ما زلت عند يقيني بأن من يرحلون عنا هم أفضل وأنبل من فينا، الذين يستحقون أن يبقون في هذه الدنيا أكثر من كثير منّا. يتركوننا هنا لأن هذا هو ما نستحقه ولا نستحق أفضل من هذا.

Wednesday, April 9, 2014

خلاص


خلاص... فضوا بيتنا من كل حاجة.

حانعزل ونروح بيت تاني مؤقتا لحد ما المقاول يبني بيت جديد ونرجع. ده كان اختيار ابويا وامي النهائي. اللي هو النقيض من اختياري. ودي مشكلة تانية حابقى اتناولها بعدين عشان مش وقته.... المهم اني فوجئت بالصدفة النهارده وانا باكلم ابويا وباقوله انا جاية اسكندرية عشان عايزة ألم حاجتي واصور البيت قبل ما يفضى عشان احتفظ بصوره. لقيته بيقولي ما خلاص احنا فضيناه! قلتله: ازاي؟ وحاجتي؟ قالي: في كراتين؟ قلتله: انا كنت عايزة اعمل كده بنفسي! قالي: خلاص! قلتله: طب انا عايزة اصور البيت! سألني: تصوري ايه؟ رديت: اصور البيت واوضتي وكل حاجة! قال: ما فيش حاجة تصوريها!!! كنت في الجامعة ورديت زي المجنونة: طب والبيت وذكرياتي؟ وانا؟ اعمل ايه؟؟؟ رد رد لطيف جدا: قالي خلاص يا ستي حانرجعلك العربية بالحاجات اللي عليها عشان تنبسطي! ما عرفتش اقوله ايه! سألته: طب المفتاح معاكم ولا مع المقاول! قالي بنبرة ملؤها الثقة: معانا طبعا!!! قلتله طب ارجوك انا حاجي بكرة اصور البيت والنبي ما تدوا الراجل المفتاح عشان خاطري!! استعطفته واتحايلت عليه لحد ما اتأكدت انه فعلا مش حايسلم المفتاح دلوقتي! طب كان ليه الاستعجال من الأول؟ما رضيتش اقاوح واسأل تاني عشان ده بيعصبهم...

للي ما يعرفش منكم، ده البيت اللي عشت فيه قرابة ال39 سنة... من سنة 1974. بيتنا القديم ابو 4 ادوار صغيرين واللي ما كانش تحفة معمارية خالص على فكرة، كان حاجة كده اتعملت على عجل ومافيهاش اي ابداع! اتبنى سنة 1964 على ترام سيدي جابر الشيخ، مزعج جدا،بس اهو بيتنا. خلاص حايتهد ويتحول لعمارة جديدة من اللي واجهاتها فجة وفيها عمدان وحليات وقبب ولا كأنها اجعصها قصر فرنساوي في الجنوب... مع انه في الحقيقة في سيدي جابر الشيخ... وانا باكتب الكلمات دي، حايكون بيتنا خلاص فاضي وضلمة وبارد ومافيهوش نفس... يعني لما ارجع اسكندرية حالاقي حيطان وشبابيك وشيش وأرضيات باركيه وبلاط وبس. كل التفاصيل شالوها. تفاصيلي انا في كراتين متخزنة في بيت قديم... مستنية دورها عشان تتفتح وتشوف الشمس بس بعد سنة او اكتر. تفاصيلي اضطروا يشيلوها عشان خاطر المقاول ... اصله مستعجل. ما طبعا! محتاج يعمل فلوس والعداد بيعد، وانا ذكرياتي تختفي تدوب مش مشكلة. اصعب شيء اني حاليا عايشة في القاهرة في بيت مؤقت، وفي اسكندرية حاكون ايضا عايشة في بيت مؤقت..... واضح ان الفترة اللي جاية حايبقى فيها ازمة هوية عميقة.

تفتكروا صحابي اللي في اتجلترا ولا استراليا بيعانوا زيي كده؟ انا عارفة اني في النهاية في سقف فوق راسي. بس هل منهم حد أجبر على ترك مكان اقامته وسلبت منه ذكرياته عن عمد لمجرد تحقيق حلم الثراء السريع لشوية ناس بكروش ومدعين... البلد دي عندها اصرار رهيب انها تؤلمني... المرة تلو المرة... بتتعمد توجع قلبي... مع اني جادة جدا في اني اعمل معاها هدنة ونجد سويا صيغة تعايش مشتركة... لكن من الواضح والجلّي ان المشكلة مش من عندي...