Tuesday, January 7, 2014

دي الحيطة المتينة

في مفارقة نادرا ما تحدث نظرا لذكائي المتقد وألمعيتي المبهرة ولأني دايما بافهمها وهي طايرة، تبين لي انني فهمت بعض كلمات اغنية المطربة عفاف راضي "ياللا بينا" بصورة خاطئة. الأغنية من كلاسيكيات أغاني الأطفال ويقول مطلعها: ياللا بينا ياللا ياللا ياللا ياللا بينا. دي الشموسة طلّة طلّة وبتنده علينا.


 في كوبليه من الكوبليهات تخاطب فيه عفاف ابنها وتقول له:
علشان انت هادي انا حاخدك للنادي

ننزل حمام السباحة نعوم زي السفينة

وحانركب مراجيح تعلى في قلب الريح

ياللا يا روحي اركب ما تخافشي 

دي الحبال متينة! 

اثناء طفولتي كان والدي يدللني كثيرا! كان يعلم انني احب المراجيح جدا! ولم اكن مشتركة في نادي كي استطيع ان امارس لعبتي المفضلة. يا دوبك كنت اذهب لقصر ثقافة سيدي جابر حيث كان به بعض الألعاب البسيطة، وأحيانا كنت اذهب مع اصدقائنا المشتركين في نادي سموحة لكي نشاركهم اللعب هناك. وكنت مدمنة مراجيح!

وفي صباح يوم تاريخي، قرر والدي ان يقوم بتركيب مرجيحة لي في المنزل! لم أصدق ان حلمي يمكن ان يتحقق! وقرر أبي في حركة جدعنة وحب شديد لي ان يثبت لي مرجيحة ليس في فراندة جدتي ولا في بلكونتنا، لكن في قلب المنزل ذاته! في حلق باب غرفة المعيشة! قام بتركيب مسمارين كبار، وثبت فيهما حبال مناسبة، ثم قام باحضار قطعة خشب مستطيلة اقصر قليلا من عرض حلق الباب، بما يسهل حركتها، تلك الخشبة ستكون بمثابة كرسي المرجية الذي سأجلس عليه، ثم قام بعمل ثقوب في الأركان الأربعة لتلك الخشبة المستطيلة لكي نثبت فيها الحبال! كانت الحبال متينة بالفعل!

لعبت كثيرا على تلك المرجيحة! كنت طفلة يرضيها اي شيء! وكانت مرجيحتي بالاضافة لمجلة ماجد والغاز المغامرين الخمسة هي قمة متعتي! ما زلت اتذكر تلك الفرحة العارمة عندما دشننا تلك المرجيحة والتي لا تضاهيها الا فرحتي بالعدد الجديد لمجلة ماجد او لغز من الغاز المغامرين الخمسة والذين اعتاد ابي على شرائهم لي كل اسبوع بما لا يعطلني عن المذاكرة.  

لم أعلم الى الآن لماذا وكيف كنت أغني تلك الأغنية بكلمات مختلفة تماما. كنت عندما أدندنها، أغنيها بدقة متناهية ما عدا في مقطع: ياللا يا روحي اركب ما تخافش دي الحبال متينة! كنت أغنيها انا كالتالي: ياللا يا روحي اركب ما تخافش دي الحيطة المتينة! كنت، وما زلت، مقتنعة تماما بأنها تقصد الحيطة المتينة التي كان والدي يثبت فيها المرجيحة!

كلمات الأغنية هنا تدلل على قوة ومتانة المرجيحة وعدلم قابليتها للسقوط، كما كان والدي يثبت مرجيحة متينة لا تسبب لي اي ضرر جسدي من جراء السقوط او "الانقلاب"، فتصورت بالطبع انها تصف الحيطة وليست الحبال بأنها متينة...

لم اكتشف هذه المفارقة الا منذ عدة ايام عندما سمعني صديق لي ادندن الأغنية وفوجئ بكلماتي التي استبدلت بها كلمات اإتية الأصلية! بالطبع كنت مادة للضحك، ولم استطع اقناعه بسبب غنائي لها بهذه الطريقة! ولم اكتشف السبب الا عندما عدت للمنزل في الاسكندرية. 

الغريب انني لم أتذكر كل تلك التفاصيل الا الآن بالرغم من أننا لم نحتفظ بأي صورة لتلك المرجيحة او لنا ونحن نلعب عليها! وكأن تلك التفاصيل والمنمنمات، حفظت في مكان أمين منذ عشرات السنين، درج مسحور، أغلق عليها، ولم أكتشفه الا الآن لكي تتداعى الصور الواحدة تلو الأخرى، أستحضر فيها تلك اللحظات لكي تذكرني بطفولة هنيئة كان يرضيها أقل القليل... حتى ولو كانت مرجيحة مثبتة في باب الغرفة...   

مشيرة صالحالسابع من يناير 2014
   

No comments:

Post a Comment