Wednesday, September 3, 2014

خواطر عند الأربعين

هذي الروح لا تحتمل كل هذا القبح. هي لم تصمم لذلك. لقد أنهكتها محاولات قلبها المستميتة للبحث عن الجمال. هذا الجمال النادر في تلك البقعة البائسة من العالم التي كتب عليها أن تعيش فيها.

هي دائمة البحث عنه.... الجمال. تنجح بالكاد في العثور عليه. قد تقابله في وجوه الأصدقاء المحبة الودودة في لحظات دفء تجمعها بهم، أو عندما تداعب نسمة خريفية ناعمة وجهها تحمل معها من الحنين ما يحرك مراكز الشعور بالشجن في روحها، أو عندما ترى تجمعا من السحب يتهادى فوق موجات البحر، ووقتها تشعر أن الله ينظر اليها مباشرة، أوعندما ترى الصحراء ممتدة في عظمة وجمال بهيّ في الطريق الى القاهرة، أوعند سماعها لنغمات الموسيقى المفضلة لديها، تحمل هي الأخرى بعضا من روائح الجنة العطرة. تجده، وبالأخص، في واجهة مزخرفة لمنزل سكندري قديم نسيته يد غادرة في غفلة من الزمن ولم تهدمه.... بعد

يخوض قلبها معارك يومية شرسة لكي ينجح في البقاء على قيد الحياة. ولكي يتسنى له ذلك، اعتادت القيام ببعض الحيل. يستحضر القلب تلك اللحظات الخاصة جدا، ندما يشعر أنه أصبح على الحافة، في البرزخ، تلك المنطقة الفاصلة بين الحياة والموت، ويكأن هذا القلب سيتوقف عن النبض بين ثانية وأخرى. تستحضر مع تلك اللحظات الروائح التي صاحبتها يوما ما، والمشاعر التي أحستها، ثم تجترها.  نعم تجترها.  فلنقل أنها آلية... آلية دفاع عن الروح ابتكرها هذا القلب الشقيّ. أن يجتر لحظات سرقها خلسة من عمر الزمن، لكي يستطيع أن يكمل معها ما قدّر لها أن تعيشه في هذا العالم القاسي. تغمض عيناها وتتذكر تلك اللحظات تحييها وتحياها مرة أخرى. تكرر الكرة المرة تلو المرة، لكي تبقى على قيد الحياة، لكيلا تفقد أعز ما تملك ... عقلها.

2 سبتمبر 2014 

No comments:

Post a Comment