Saturday, April 18, 2015

ستة ابتدائي


بخصوص عزة عبد المنعم، امينة متحف محمود سعيد في اسكندرية، اللي وزير الثقافة قالها كلمتين، من وجهة نظره، انه تم اقتطاعهم معها من السياق! الضلالي بدل ما يعتذر في كلمة ونص ويقول انا اخطات وباعتذرلها فعلا عن الكلام السخيف اللي قلته، وبعد ما عمل عليها حفلة هو واللي كانوا معاه في الجولة، بيقول عزة فهمتني غلط وانا كنت عايزة ألطف الجو! امال لو كان عايز يوتر الجو كان عمل ايه؟ معظم المصريين ماعندهمش ثقافة الاعتذار، فما بالكم بموظف حكومي بدرجة وزير؟! اكيد حايداري خيبته وكسوفه وسماجته بكلمتين خايبين!

ليه باقول الكلمتين دول؟ مع العلم ان القصة عدى علها اكتر من تلات او اربع ايام وده في عرف المصريين كفيل بأنه ينسينا القصة بالأستاذة عزة بالوزير! بس باقولهم عشان افتكرت قصة لطيفة جدا وحبيت اشارك يعني! هي مش لطيفة على الاطلاق بس حلو برضه اننا نوسع مداركنا ونعرف اكتر.

اتذكر وانا في سنة ستة ابتدائي في مدرسة جيرار، زارنا مرة في الفصل  مفتش لغة عربية، وكانت دايما زياراتهم سخيفة وسمجة وبيصاحبها بعض الطقوس الأسخف، واعتقد ان الطقوس دي مستمرة  الى اليوم اللي حانقابل فيه وجه رب كريم كلنا. المهم اعتاد المدرسون والمدرسات على عرض بعض كراسات الطلبة المتفوقين للمفتشين، بالاضافة لأن المفتشين دول كانوا بيحبوا يطرحوا أسئلة صعبة، أعتقد لغرض ما في نفس يعقوب، ألا وهو التنطيط على المدرسين، عشان يعني يبينوا انهم برضه ما زالوا هم المفتشون ، بالبلدي بيعلّموا عليهم! المهم سأل الراجل سؤال، وانا حبيت اجاوب، فقمت جاوبت، وحذت على استحسان المفتش والمدرس انفرجت اساريره وراح قايل كلمتين حلوين في حقي، راح المفتش سائلني انت اسمك ايه؟ جاوبت. ثم اتبع وايه هواياتك؟ قلت بمنتهى الفخر: القراءة وانا ناوية ارص قايمة بالكتب اللي باقراها من مكتبة ابويا، فخورة بنفسي بقى. راح المفتش بمنتهى السماجة والسخافة والجليطة ضاحك وقالت اكيد القراءة ما هو باين وراح عامل حركة كده فيها سخرية على أني تخينة! لِسَّه فاكرة الحركة وشكله والأهم اني لسه فاكرة إحساسي لحد دلوقتي مع ان مر على الموقف ده اكتر من ٢٩ سنة. بس الاحساس كان مؤلم اوي، خاصة اني كنت طفلة حساسة جدا. حسيت وانا واقفة في وسط الفصل اني اتدلق عليا برميل مية ساقعة لكني ضحكت عشان اداري كسوفي! المدرس ما قالش اي حاجة تعقيبا على التعليق السخيف ده! بصيتله باستنجد بيه عشان يقول اي حاجة بس ما قالش! حايقول ايه اصله! بسذاجتي كنت فاكرة ان هذا المفتش سيثني على هوايتي ويقولي برافو عليكي انك بتقري!  لكن ده ما حصلش! هو لم يثن عليّ والمدرس لم يعقب وانا سكت! ضحكت ثم سكت تماما! واول ما مشي بكيت بكل احساس القهرة والاحباط والكسوف اللي جوايا! أفتكر كويس ان زمايلي واسوني وقالولي ما تزعليش! الفصل كله حاول يخفف عني.  ويمكن دي الحاجة الوحيدة اللطيفة اللي فاكراها من كل الموقف السخيف ده! لكني حتى الان فاكرة الكلام اللي قاله واحراجي وقتها وعدم قدرتي على الرد. 


موقف عزة الشجاع وتصديها لوزير الثقافة قلب عليا المواجع! فكرني بالموضوع ده بالرغم من مرور سنين طويلة! ويمكن برضه لاحظت حاجة وهي ان الكائنات المتورطة فيالموضوع تكاد تكون متشابهة! هما نفس الموظفين الجلنفات اللي تقدموا في السلم الوظيفي، ده مفتش والتاني وزير، بس نفس الجهل بالرغم من ان احدهما معني بالتفتيش على العملية التعليمية، أي انه كان مدرس وتربوي، من المفترض يعني، والآخر معني بالعملية الثقافية كلها! مش عايزة اكون قاسية على نفسي، وده المعتاد، بس انا كان عمري وقتها 12 سنة، وما كنتش اقدر ارد عليه. طبعا لو المفتش ده قابلني دلوقتي، اكيد سأسمعه من المنقّي خيار! وعشان كده كنت عايزة اوجه شكري لعزة! انت جدعة يا عزة. انت قلتي وعملتي اللي انا ماقدرش لا اقوله ولا اعمله! وواضح ان الموضوع لسه مأثر فيا، لأني اول ما قريت قصة عزة، افتكرت في ثوانيّ يعني واضح ان الموقف ده موجود في العقل الباطن وكان مستني اي اشارة عشان استرجعه!

وبالمناسبة الغير سعيدة دي، ومن موقعي هذا، احب اقول لمفتش اللغة العربية اللي كان بيفتش على مدرسة جيرار سنة ١٩٨٦ هو ووزير الثقافة الحالي: يحموكم في كنكة....

18 أبريل 2015

No comments:

Post a Comment