Monday, March 4, 2013

الخاطرة الثالثة في بلد الحر والشجاع: الشعب فوق الجميع



واشنطن مدينة صغيرة عدد سكانها 600 الف نسمة، بها 13 جامعة! صممت خصيصا لتكون عاصمة لاتحاد الولايات الفيدرالي! كل مبنى في المدينة تم تصميمه وبناؤه بطريقة هندسية معينة لتؤكد على معنى وقيمة معينين يريد الآباء المؤسسون التأكيد عليها للأمريكيين! يعني على سبيل المثال مبنى لكونجرس اعلى مبنى في المدينة لأنه يمثل الشعب والشعب فوق الجميع! حتى البيت الأبيض اقصر من مبنى الكونجرس! هناك تمثال على اعلى نقطة على مبنى الكونجرس. هذا التمثال هو تمثال الحرية، الذي يرحب بزائري نيويورك على الساحل الشرقي ! ويرمز التمثال إلى سيدة تحررت من قيود الاستبداد-التي ألقيت عند إحدي قدميها. تمسك هذه السيدة في يدها اليمني مشعلا يرمز إلي الحرية، بينما تحمل في يدها اليسري كتابا نقش عليه بأحرف رومانية جملة "4 يوليو 1776"، وهو تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي، أما علي رأسها فهي ترتدي تاجا مكونا من 7 أسنة تمثل أشعة ترمز إلى البحار السبع أو القارات السبع الموجودة في العالم. (المصدر ويكيبديا الموسوعة الحرة). لماذا امرأة؟ لأن الكونجرس وقتها كان أعضاؤه جميعهم من الرجال فقط، لذلك وجب وجود امرأة تخلق توازنا في هذا المبنى! تمثال الحرية فوق الكونجرس ينظر للشرق دائما! لماذا الشرق؟ لأن الشمس تشرق من الشرق وهي مصدر الحقيقة! مبنى ال FBI  يتواجد في نفس الشارع الذي تقع فيه وزارة العدل، لكن كل يواجه الآخر كأن العدالة تنظر للسلطة التنفيذية وتراقبها وهكذا!

 ملاحظتي هنا: كيف يمكن لشعب ما، أن تأتي له فرصة لكي يبدأ عالما جديدا بكل تفاصيله يحاول ان يتفادى فيه كل سلبيات العالم الذي عاش فيه مسبقا؟ هو يحاول ان يخلق صورة أجمل كان يحلم بها في مخيلته لهذا العالم الجديد، للدرجة التي يريد أن يتأكد فيها من ان الشمس تشرق لتمثال الحرية التي تقف فوق مبنى الكونجرس لكي تسبغ من اتزانها وعقلانيتها وعواطفها وحرصها على تحقيق العدالة على الرجال المجتمعين تحت قبة الكونجرس ويمثلون الشعب! لا أعلم لماذا ذكرني هذا بما قام به المصري القديم في بناء كل أهراماته ومعابده وبيوته! وكيف كان يبني تلك المباني الخالدة وهو متأثرا بعقيدته التي تؤمن بالبعث والخلود وتؤله الها واحدا خالقا لهذا الكون، وفي كثير من الأحيان كان الاله هو اله الشمس! وكأنه تأتي فترات في تاريخ الشعوب، يتجلى فيها ابتكار الانسان ورغبته في اظهار افضل ما عنده فيخلّد؟ الطريف أن ان ملوك المصريين القدماء اهتموا بخلودهم واستخدموا مئات الألوف من البشر لكي يضمنوا هذا الخلود، أما الآباء المؤسسون في امريكا ومن جاء بعدهم، حرصوا على أن يتخلصوا ويتطهروا من مساوئ العبودية! لا أدعي هنا أن الأمريكان أفضل! لكن أليس هذا العالم يستحق منا دائما ان نظهر افضل ما فينا، حتى اذا ما رحلنا عنه، بقى منا أثر ما يجعل الأجيال التي تأتي بعدنا تفخر بنا، بل وتشعر أننا كنا بحق، الآباء المؤسسون لوطنهم؟

مشيرة صالح 
4 مارس 2013 بعد يوم طويل في واشنطن العاصمة

 تمثال الحرية
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9

No comments:

Post a Comment