Monday, June 11, 2012

لقد شعرت اليوم بالحرية


اكتب عن اطباعاتي، بعد 3 ايام من اندلاع موجة ثورية اخرى للثورة المصرية العظيمة، التي دائما ما تدهشنا وتصر على مفاجآتنا عندما نظن انها خطفت وتمت سرقتها! شأنها شأن المصريين الذين دائما ما يثبتون انهم يخبئون الكثير والكثير خاصة في احلك الظروف!

اتحدث عن المواجهات التي تحدث بين الثوار والداخلية عند مبنى مديرية الأمن بسموحة بالاسكندرية قرب ميدان فيكنور عمانويل منذ يوم 19 نوفمبر

مشاعر متضاربة ومتناقضة! حزن على الضحايا وفرحة بالثورة التي استيقظت مرة أخرى من سباتها، فخر بالشباب البطل الذي لا يهاب الداخلية ومدرعاتها ورصاصها المطاطي وغازها المسيل للدموع الحارق للوجه والأعين! احتقار للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي سرق الثورة عمدا مع سبق الاصرار والترصد والتآمر والتحفز ، كره ومقت شديد للداخلية "البلطجية" على حد هتاف الثوار اليوم! عدم اقتناع بالعملية الانتخابية كلها وبالواقع المصري ككل، ويقين ان الثورة ستنتصر لا محالة! رأيتها في أعين الشباب اليوم. رأيتها والله

اود ان اسجل انطباعاتي عن الشباب الأبطال، والله العظيم ابطال! لم يرضوا بالرضوخ والخنوع، يقفوا عزل امام آلة الداخلية المتوحشة! شباب كلهم 19 و20 سنة في الكليات منهم اصدقائي من الحزب ومن 6 ابريل و من المستقلين يقفوا امام مديرية الأمن، وشباب ابطال على موتوسيكلات وفي ميكروباصات وتريسيكلات يدخلوا لحد المديرية يشيلوا المصابين من الغاز والرصاص المطاطي ويطلعوا بيهم للمستشفى الميداني وللاسعاف عند ميدان فيكتور عمانويل! عمليات كر و فر بيننا وبين الأمن، مدرعات تخرج تهاجم الناس من عند المديرية من ناحية جامع حاتم، الأمن يقبض على الشباب لكن المتظاهرين يأخذوا بعض العساكر كرهينة ليبادلوا بهم الشباب!

تواردت اخبار من سكان العمارات المحيطة بالمديرية ان الأمن اخبرهم بضرورة اخلاء العمارات قبل الليلة، ولو اضفنا هذه الخبر لمشاهداتي تثبت ان مواجهات اليوم هي الأكثر وحشية منذ اندلاع الأحداث الدامية، فهذا يجعلني على يقين ويجعلني اصاب بالرعب ايضا من ان هناك هجوم مباغت ووحشي سيحدث الليلة على الثوار والتظاهرين عند الميدان بسموحة بالاسكندرية

اليوم كانت الدعوة لمليونية تطالب باسقاط المشير وتسليم السلطة "الآن" لسلطة مدنبة اما لمجلس رئاسي مدني اعضاؤه رموز مصرية وقيادات سياسية من شتى التيارات والاتجاهات تعبر عن كافة التيارات السياسية في المشهد المصري او تعيين حكومة انقاذ وطني لها كافة الصلاحيات، حكومة ثورية تعبر عن مصر ما بعد الثورة. المظاهرات بدأت في الاسكندرية من مسجد القائد ابراهيم بعد صلاة العصر متجهة لقيادة المنطقة الشمالية بسيدي جابر. ذهلت من عدد "المواطنين الشرفاء" الشرفاء بجد الذين استجابوا للدعوة! آلاف من السكندريين الذين افخر انني واحدة منهم، مشينا جنبا لجنب نهتف 
المرة دي بجد ... مش حانسيبها لحد
يسقط يسقط حكم العسكر
ايوة بنهتف ضد العسكر ... احنا الشعب الخط الأحمر
امشي ... ارحل ...
مش عايزينكو
ارحل يعني امشي ... يمكن ما بيفهمشي
خالتك سلمية ماتت .. انسى الثورة اللي فاتت
زي ما هيا زي ما هيا ..  الداخلية بلطجية

وصلت المظاهرة لمسجد سيدي جابر عند صلاة المغرب، توقفنا للصلاة هناك عند شارع بورسعيد، وذهلنا عند وصولنا لبداية شارع بورسعيد عند مبنى بيع المصنوعات عند رؤيتنا للأعداد كاملة وهي تصلي! المغرب، بعضنا بكى والبعض هتف الله أكبر والبعض انتابته خالة هستيرية من الفرحة. احلى ما في اليوم ان المظاهرة على حد تعبير طارق كانت "زيرو اخوان وزيرو سلفيين". فعلا المصريون الوسطيون الليبراليون اليساريون البسطاء كثيرون! نحن كثير ويجب ان نفخر بأنفسنا بشدة...

لكن كان في القلب غصة، حيث ان زملاءنا عند مديرية الأمن بسموحة كانوا يتعرضوا لهجوم ضاري من الداخلية وكانوا يطلبون منا مددا، لذلك كنت اود ان ادعو المتظاهرين ان يتركوا المنطقة الشمالية و يتوجهوا للمديرية، يمكن العدد الكبير يخلي الداخلية تلين! لكن كان رأي زوجي انه لا داعي لذلك لأن الناس لن تستجيب كما أننا سنخسر عددا كبيرا من المتظاهرين. لكن المفاجأة كانت بعد ان القى المشير خطابه الذي ذكرني بخطاب المتخلي بكلمته الشهيرة "سأظل"، فقد قام المتظاهرون بخلع احذيتهم ورفعها وبدأوا في ترديد الهتافات التي تدعو للتوجه للميدان، ميدان فيكتور عمانويل الذي يشرف على الطريق الذي يؤدي للمديرية عند طريق 15 مايو بسموحة، وبدأت المسيرات بأعداد كبيرة نحو الميدان. ما فاجأني هو حماس المتظاهرين واستعدادهم التام للذهاب الى هناك غير عابئين بما سيحدث وبما يسمعونه من المواجهات الدامية. كما انهم أعدوا طرقا غير تقليدية لمواجهة قنابل الغاز التي تلقى بشكل كثيف، وذلك بخلط بعض من دواء الحموضة ايبيكو جل بالماء ووضعه في بخاخات للرش على الوجه وذلك للتخفيف من حدة الغاز وتأثيرها السئ على الوجه والأعين، كما انهم استعانوا بحبوب الكربن للتقلق من امتصاص الجسم للغازن بالاضافة بالطبع للكمامات والكوفيات التي تحيط الوجه كله.

انا اكتب هذه النوت وعلى وجهي آثار خليط الايبيكو جل، فهو يترك آثارا كالجير الأبيض على الوجه، كان شكلنا جميعا مثير للشفقة والضحك معنا! كلنا متعبين، بعضنا اغمى عليه وبعضنا اعينهم مصابة بسبب الغاز، وواحد من ابطالنا الشباب محمد عبد الحميد، طالب بكلية التجارة اصيب بطلقة خرطوش! يذهلني هذا الشاب الرائع الجميل بحماسه، واصاباته المتكررة، حيث انه اصيب عند اعتصام  الطلبة عند مبنى ادارة الجامعة اعتراضا على هند حنفي في شهر اكتوبر الماضي بخلع في الكتف بسبب القاء حجارة عليه من قبل موظفي الجامعةن واليوم اصيب بخرطوش "على الماشي". ربنا يحميك يا محمد ويحمي الشباب اللي زيك، اللي بيذهلوني بشجاعتهم، واللي بيكسفوني بسبب جبني وخوفي ورعبي من الغاز والضباط والعساكر والمدرعات ...

تواردت اخبار عن اقتحام الأمن للمستشفى الميداني، اتجهنا للميدان لكن الغاز كان كثيف جدا و ما استحملتوش! لكن بعد ما وصلت البيت، طارق بلغني ان الداخلية استعادت ميدان فيكتور عمانويل بعد ما رمت حوالي 15 قنبلة غاز وسيل من رصاص الخرطوش فاضطر الناس للفر، لكنهم اجميع قسموا انهم سيعودوا يوم الجمعة وهم مستعدون تماما كيوم 28 ينايرن من الآخر مستحلفينلهم، كما انه وردت اخبار ان رجال العطارين والورديان ومينا البصل وبحري يعدون العتاد لمقابلة الداخلية في الجولة الثانية!

لا انكر ولا استطيع ان اخفيكم سرا انني و لأول مرة منذ شهور اشعر بالحرية، تنفستها! احساسي انني انتمي لتلك الجموع الهادرة الغاضبة المحبة لبلدها جعلني فخورة، نسيت انتمائي الحزبي او تناسيته! لقد قمت بما كنت اريد القيام به منذ شهور.  شعرت بالحرية اليوم

اظن ان الجميع يتفق معي ان الوضع مؤسف ومزري وكالعادة: النظام والحكومة والمجلس الزفت العسكري يتركوا المشكلة تتفاقم حتى تصل لحد الأزمة، تدليل زائد عن الحد للداخلية وضباطها كأنهم لا يتعلموا الدرس أن هذه الثورة قامت يوم عيدهم على قمعهم وبطشهم وحشيتهم! لم ولن يتغيروا! وللأسف هم لا يعلمون ان الشباب في كل ميادين التحرير مستعدون للموت! اقسم بالله العظيم الشباب مستعد للموت ولا يخاف احدا الا الله

لا اعلم ما الذي علي فعله غدا صباحا! هل اتوجه للميدان ام للقائد ام لميدان التحرير ام اذهب لعملي صباحا ام ابقى بالبيت احتجاجا وحزنا وغضبا؟ يا الله! يا الله! الهمني الصواب يا رب! الهمنا جميعا الصواب...

مشيرة صالح
الأربعاء الثالث والعشرين من نوفمبر 2011
الساعة الثانية الا الثلث صباحا

 

No comments:

Post a Comment