Monday, June 11, 2012

يوم مع تيكا

 

تيكا هو الاسم الحركي لمحمد ابن اخويا، وتيكا هو اسم الدلع المعتمد عندنا في البيت لأي شخص دون الثمانية عشر ربيعا. تيكا في الأصل تم تحريفه من كلمة "بتيكا" بفتح الباء وتشديد التاء اللي هي اساسا اتحرفت من كلمة "باتيسا" –مع استمرار تشديد التاء- اللي ماما بتستعملها "لتدليع" أي طفل رضيع في العائلة.

انا علاقتي مع الأطفال دائما بتبدأ تتوطد بدءا من سن الثلاثة او أربعة أعوام نظرا لأسباب كثثيرة لا داعي لذكرها الآن، علاقتي ببنات أخويا نوران ويمنى قوية والحمد لله، لكن مع محمد الموضوع اختلف. هو مرتبط جدا بأبويا وبيحبه اوي. الاتنين علاقتهم ببعض جميلة اوي زي اي جد وأي حفيد.  هو كمان راجل صغنن، مش بيحب التعبير عن المشاعر، يعني مش بيحب اني ابوسه او احضنه وانا باحترم ده جدا. ده طبعا غير ان علاقتنا متوترة بعض الشئ، يعني مافيهاش نفس الحميمية بتاعة علاقتي مع اخواته البنات، بس كان دايما في لحظات مضيئة، خصوصا لما كنت باجي من السفر وجايبة له من كل بلد زرتها عربية صغيرة حيث أنه يعشق العربات شأنه في هذا شأن كل الأولاد في سنه.

المهم احنا كل يوم اربع بنروح نتغدى انا وبابا وماما عند اخويا، محمد فتحلي الباب النهارده وراح واخدني بالحضن وباسني... بداية موفقة. قلت يا مسهل!

دخلت حطيت شنطتي ولقيته بيناديني: "مشيرة ... تعالي عايذ اوريلك حاجة" (طبعا الجملة دي زمان كانت تنطق كالتالي: "مثيية.. تعاييي عايذ اوييييك حاجة" حيث أنه كان هناك لدغة شديدة في حروف الراء واللام والشين، اشتغلنا على الحروف كلها والحمد لله حصل تحسن، فاضل الذال). راح حاطط ايده الصغننة في ايديا وشدني ناحية المطبخ!  اتجهنا نحو التلاجة، اتاريه رتب كل العاب المغناطيس الصغيرة (التي يتم لصقها على ابواب الثلاجة) بشكل معين. كانت عبارة عن حروف وارقام. عجبني تنظيمه جدا ولفت نظري ان كان في كمان علامات الجمع والطرح والقسمة الخ... فقلتله: طيب ايه رأيك نلعب لعبة؟ قاللي: ايه؟ قلتله: قوللي كل رقم بالعربي وبالانجليزي. قالهم. قلتله طيب بقى استنى. رحت عاملة له عمليات حسابية صغيرة، 4-1=3 أو 2+6=8 وهكذا.  عجبته اللعبة اوي. طبعا كل اللعب ده وهو في الوضعية المفضلة لديه، ألا وهي انه يسند ظهره على حائط المطبخ بين الثلاجة والدولاب ويتسلق بكلتي رجليه كلا من الثلاجة والدولاب ويفضل واقف ما بينهما وساند ومتكئا عليهما بذراعيه الصغيرتين.  خلصنا كل الاحتمالات الممكنة ولقيته بيقولي يالا نلعب حاجة تانية. رحنا خارجين من المطبخ، ومسك جهازه المفضل: الآي باد وقرر يلعبني معاه لعبته المفضلة، اللي هي تطلعلنا صورة وقائمة بأشياء مستخبية داخل الصورة يجب ايجادها في وقت محدد، منها تقوي قدرته على الملاحظة وبرضه تقوي اللغة لأن الأشياء مكتوبة بالانجليزي والحق يتقال كان في كذا كلمة انا ما كنتش عارفاهم بس هو كان بيشرحهملي. طبعا هو خبرة في اللعبة لأنه لعبها كذا مرة، وكنا كل ما بنخلص دور كنت انا وهو بنعمل هاي فايف بحماس ومعيلة شديدتين و لما كنت باعرف اطلع حاجات لوحدي، كان يطبطب عليا ويقولي "برافو" ... كنت بافرح اوي

كملنا لعب وبعدين اتغدينا، وبعدها سبته ودخلت اقرا صفحة المعصرة في جريدة الشروق، لقيته جاي يقعد جنبي عالسرير وجايب قصة لطيفة بيوريهالي. اتفرجت عليها ثم فوجئت به يحاول ان يقرأها. هو عنده خمس سنوات وفي كي جي تو. فلسه بيتعلم يقرا كلمات و حروف مشبكة مع بعض.

كانت لحظة خاصة جدا، لحظتي انا وهو سوا مع بعض لوحدنا. هو بيقرا ومصر انه يقرا الكلمات جنب بعض وعايزني اصححله، وحسيت اد ايه هو مطمنلي وواثق فيا انه بيأتمني على هذه اللحظة وتلك المحاولات، لأنه عنده عزة نفس رهيبة ومش بيحب يغلط امام اي شخص (اكيد طالعلي في دي).  مهما حاولت اوصف تلك اللحظة عمري ما حاعرف اوصل احساسي بالزهو والفخر والحب ورغبتي في ان احميه. حسيت ساعتها انه يا ريت كل حاجة في الدنيا يقدر يعملها وهو قاعد في حضني من غير ما يبعد عني، ومن باب أولى حضن باباه ومامته طبعا.  نفسي يتعلم كل حاجة وهو هنا في حضننا من غير ما حد يجرحه او يهينه او يضايقه. نفسي يفضل صفحة بيضا ما تلوثهاش أي خدشة.

كملنا قراية وبعدين حكى لي شوية حكايات تضحك (من وجهة نظره طبعا) تتمحور كلها حول مواقفه الكوميدية وردوده خفيفة الدم (في نظره برضه) مع وعلى اخواته. نزلت عليا موجة حنية وهو يحكي وانا احضنه وابوسه.

حسيت اد ايه هو رقيق وطيب وطفل جميل ووديع

واحنا نازلين من عندهم وأثناء انهماكه في اللعب بعربياته، سألت مامته، هو محمد ما عندوش امتحانات آخر السنة؟ وأثناء نطقها للاجابة بأنه لأ ماعندوش، لقيت صوته جاي من بعييييييد من تحت ترابيزة السفرة: "أناااا اثاثااان في كي جي تووو، ما عنديش امتحانااات"!

روحت وانا حاسة اني بدأت صفحة جديدة مع ابن أخويا، وان صداقتنا بدأت من اليوم.

مشيرة صالح
الأربعاء 18 ابريل 2012


تيكا منهمك في قراءة الحروف المشبكة. ياخواتي

 

No comments:

Post a Comment